
علاء الدين محمود
يهتم العديد من النقاد في مجال الأدب والفنون، في سياق التناول النقدي للعمل، سواء السرد أو المسرح أو الشعر أو حتى اللوحات الفنية، بإبراز المعنى الكامن وراء الكلمات والتكوينات والرسالة التي يحملها العمل، غير أن هنالك الكثير من الكتابات والأعمال الفنية لا يؤمن أصحابها بأن الفن يحمل رسالة أو معنى معيناً، ليصبح المتلقي أو الناقد أمام حيرة تسلمه إلى ضرورة إعمال التأويل في تعامله مع مثل هذه النصوص والإبداعات.
بطبيعة الحال في بعض هذه الأعمال والكتابات التي نتحدث عنها يبقى الموقف الأساسي هو الانحياز للجمال في ذاته، فالقطعة الفنية، على سبيل المثال، تصل إلى حد كبير من الإتقان والإبداع، بحيث يصبح الجمال هو نفسه الهدف والمعنى ولا يحيل إلى معنى من المعاني التي درج الناس على التقاطها من الأعمال الفنية والنصوص الإبداعية، حيث تكون الأشكال الجمالية مجردة من الغطاء والبعد الفكري أو الفلسفي.
والواقع أن هنالك العديد من التيارات الفنية والأدبية التي دعت إلى التحرر من سلطة الرسالة والغاية والمعنى المباشر، بحيث تكون السلطة للجمال الخالص، فالأدب والفن بهذه الكيفية التي ينشدونها ليس معنياً بتوجيه رسائل، أو تقديم نصائح وغير ذلك من التوجه القيمي، لذلك أطلق بعض النقاد على مثل تلك التوجهات، خاصة في مجال الفنون، مصطلح «تخلیص الفن من الغاية»، في سياق تناولهم لنظرية «الفن للفن».
و«الفن للفن» هو مذهب فني يؤكد أن الفن له قيمة جوهرية في حد ذاته، ويجب ألا يكون مرتبطاً بأي أهداف خارجية، حيث إن هذا التيار يبحث عن الجمال في ذاته ولذاته، فالفن هو الغاية، وكذلك الشعر وبقية أنماط الأدب، ويبتغي هذا المذهب التنقيب عن الجمال في الطبيعة والأشياء من حولنا لصناعة إبداعات تنهض برافعة الجمال المطلق.
وهذا الاتجاه ليس حصرياً على الفنون فقط، ولئن كان هناك من يشدد على ضرورة أن يكون للأدب رسالة لابد من أن يؤديها سياسية أو اجتماعية أو أخلاقية، فإن بعضهم يرى أن رسالة الأدب هي الأدب نفسه، وأن على الكاتب أن يتحرر من كل القيود الفكرية ويتوجه نحو إنتاج نصوص تتمتع بقيمة جمالية وفنية تسهم في رقي ذائقة القارئ، فتلك هي «الغاية» و«الرسالة»، و«المعنى»، ولا يجب البحث عن غايات أخرى غير الإبداع ذاته.
[email protected]