
هل تذكر المقولة الفرنسيّة: «العقول الكبيرة تتلاقى»؟ خطرت على البال عند ترشّف غزليّة بالفارسية للشاعر الهندي بيدل دهلوي، وإذ بالذهن يتسمّر عند بيت كأنه نسخ ولصق معالج بالفوتوشوب، لبيت من أشهر شواهد أبي الطيب.
معاذ الله أن تكون القدم زلّت بالقلم إلى منحدرات الاتهام بالسرقة، أو كتب الموازنات بين الشعراء، كالموازنة بين المتنبي وأبي تمّام. التجاوبات والتوافقات والتناغمات وتعاكس مرايا القرائح، لدى الشعراء كثيرة. أبو العلاء قال: «خفّفِ الوطءَ ما أظنّ أديم الأرض إلّا من هذه الأجسادِ»، وعمر الخيام قال: «فامشِ الهوينى إن هذا الثرى.. من أعينٍ ساحرة الاحورارْ». تداعي الخواطر كثير بين المبدعين.
لا داعي إلى البوح بسرّ الفكرة، لكن الخاطر كان في نشوة وهيمان بغزليات الشاعر الهندي في العصر المغوليّ، بيدل دهلوي، الذي كان حتى بضعة عقود، مجهولاً في إيران، وكل شعره بالفارسيّة، واليوم يعدّه بعض كبار أدباء إيران ونقادها، أهمّ من حافظ وسعدي الشيرازيين. لكن، لكون الذهن العربي، حتى حين يرشف شهد الغزل، تُكدّر صفو رضابه مرارة حادثات الليالي، وما كل امرئ يقوى على شرب المرارات الكبار بلا مرارة.
صدح بيدل بهذا البيت: «لا نستطيع أن نظفر بغير هاتين العِبرتين: فإمّا نحن ناقصو الكمال، وإمّا كاملو القصور». الشاعر الهندي، عاش بين 1644 و1720 للميلاد، أي بين 1054 و1132 للهجرة. هل يُعقل ألّا يطير الذهن، بسرعة الذي عنده علم الكتاب، من بيت أبي المعاني ميرزا عبدالقادر، إلى بيت أبي الطيب أحمد بن الحسين: «ولم أرَ في عيوب الناس شيئاً.. كنقص القادرين على التمامِ».
حذار أن تعاتب تاريخ الأدب العربي، على أن الشرّاح والنقاد لم يخترعوا للأجيال شيئاً يكون اسمه على بركة الله: الشرح الجيوسياسي الجيوستراتيجي للشعر العربي. الغاية النبيلة: عندما يشرح الأستاذ في الصف، لبنات الأمّة وأبنائها، بيت المتنبي، لا يدع الكلام الموزون المقفّى حبلاً ملقىً على غارب، فيقول لهم مثلاً: الناس في البيت يعنون أربعمئة مليون عربي، والأنكى الأدهى أن يكونوا ملياري مسلم. مع ذلك هم مصابون بنقص القدرة على التمام والكمال، كما قال الشاعر العربي، أو هم إمّا «ناقصو الكمال أو كاملو التقصير والقصور»، كما قال شاعر مسلم هندي كتب أكثر من سبعين ألف بيت، يجهلها العرب والمسلمون جملةً وتفصيلاً. أهمّ من اعتنى بشعره وفلسفته الأفغان والطاجيك.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستدراكية: الأفضل أن يكون المقترح: الشعر العربي بعين الأمن القومي.
[email protected]