اللحظة السابعة في مباريات ريال مدريد: من هو خوانيتو؟

اللحظة السابعة في مباريات ريال مدريد: من هو خوانيتو؟


هناك لحظات تتوقف عندها عقارب الزمن، لا ليس أكقر من كونّها ستُخلّد ذكرى ممن غادرنا؛ ستترك أثرًا لا يُمحى من قلوبنا.

في سانتياجو برنابيو؛ الملعب الذي لا يعترف بوجود المستحيل، بدأت قصة الرقم سبعة، لكن نهايتها لا تتوقف عند هدف أو بطولة.. بل عند البطل في حد ذاته: خوانيتو، صاحب القميص “7”.

في كل مباراة يخوضها نادي ريال مدريد على أرضه، ومع قدوم الدقيقة السابعة، يعلو الهتاف الجماعي حتى يهز كل ركن في المدرجات، بصوتٍ واحدٍ: “إيلا إيلا إيلا.. خوانيتو مارافيلا!”، وهي ما تعني “يا خوانيتو المعجزة”.

خوانيتو – ريال مدريد – المصدر: gettyimages

الأمر لا يتوقف عند كونه مجرد هتاف ثابت في كل مباراة؛ بل أصبح تقليد يعبر عن هوية البرنابيو، تكريمًا لروح لا تزال تُحلق بقيمتها فوق العشب رغم رحيل الجسد.

من هو خوانيتو “روح ريال مدريد”.. وسر تصريحه الشهير؟

خوان جوميز جونزاليس، الشهير بـ خوانيتو، متوسط مديان قصير القامة، طويل القيمة، وُلد 1954 في فوينخيرولا، تأرجحت مسيرته بين الأزقة إلى أكاديمية أتلتيكو مدريد، ثم من بوابة بورجوس، إلى تجاهله إغراءات الغريم التقليدي، برشلونة، حتى حقق الحلم؛ وارتدى قميص اللوس بلانكوس.

في نوفمبر 1976، انضم إلى صفوف قلعة الميرنجي، مُصرحًا بعبارته الخالدة: “الانضمام إلى هذا النادي أشبه بلمس السماء”.

على مدار عقدٍ من الزمان، حفر خوانيتو اسمه على جدران ريال مدريد، حيث توُّج بخمسة ألقاب ليجا، لقبين كأس ملك إسبانيا، واثنين من كأس الاتحاد الأوروبي.

لم يكن اللاعب الأسرع أو الأبرز من الناحية الفنية، لكنه كان الأكثر حماسًا، شغفًا وحبًا، تحول إلى أيقونة ترمز لروح العودة، الريمونتادا التي جعلت المدريديستا تؤمن أن “90 دقيقة في البرنابيو وقت طويل جدًا”.

تصريح أدلى به خوانيتو أمام نادي إنتر ميلان الإيطالي، ليتحول بعد ذلك إلى عقيدة.

خسر الفريق في كثير من الأحيان مبارياته خارج أرضه بفارق هدفين أو ثلاثة، وفي إحدى المرات، حتى بنتيجة 1-5، لكنهم حققوا الفوز في البرنابيو رغم كل شيء، سيلتيك، بوروسيا مونشنغلادباخ، أندرلخت – جميعها سُحقت تحت ضغط سعي ريال مدريد للعودة في مباراة الإياب.

بعد صافرة النهاية لخسارة أخرى في مباراة الذهاب (2-0 أمام الإنتر)، قال خوانيتو للخصم، تصريحه الشهير: “90 دقيقة في البرنابيو وقت طويل جدًا”، خلدت هذه العبارة، والباقي مجرد تاريخ، كانت مباراة الإياب تحت سيطرة ريال مدريد، وانتهت بفوز فريق خوانيتو بنتيجة 3-0.

كان خوانيتو أحد أبرز أبطال تلك العودة، كانت كل مباراة خروج المغلوب بمثابة المواجهة الحاسمة بالنسبة له، لم يستسلم قط، بل كان مُحفّزًا وقائدًا يُقاتل حتى النهاية، مُضحّيًا بكل ما أوتي من قوة من أجل الفوز، وقد أطلق المشجعون على هذه الظاهرة في شخصيته اسم “روح خوانيتو”.

رحيل خوانيتو.. والدقيقة الـ7 التي لا تموت

على الرغم من ذلك؛ لم يكن لاعب ريال مدريد قديسًا داخل الملاعب، كان يملك وجهًا آخر من القسوة تجاه الخصوم، حيث عُرِّف بالانفعالات الزائدة، كما تورط في العديد من لحظات العنف، أبرزهم واقعة مباراة بايرن ميونخ، عندما دهس على لوثر ماتيوس في 1987.

في شجار -معتاد- يحدث في المباريات ذات الطابع التنافسي في دوري أبطال أوروبا، وصل خوانيتو، مسرعًا نحو الضجة مع الحكم بوب فالنتاين، بتحيز شديد، وثبت حذائه الأيمن على جانب جذع ماتيوس المنبطح، أدّى دورانًا راقصًا بزاوية 360 درجة -لم يكن سيئًا نظرًا لأنه كان يدور بالفعل- ثم انحنى فوق لاعب خط وسط بايرن الصارخ ليُلقي بضع كلمات بذيئة، ثم ضغط بقدمه نفسها بقوة على فك ضحيته، كما يفعل سائق دراجة نارية محبط يحاول تشغيل جواده المعطل.

الأمر انتهى بغرامة ضخمة، إيقاف خمس سنين.. ورحيل مؤلم عن نادي أحلامه.

بعد مغادرته الفريق، لعب لموسمين مع ملقا، قبل أن يتحول إلى التدريب، كانت بوصلته، العودة يومًا إلى ريال مدريد، لكن كمديرًا فنيًا.

كان يمتلك الكاريزما، والحضور، والحب اللامحدود للنادي؛ كان مشروعًا لمدرب أسطوري في طور التكوين، كما أنه لم يتوقف يومًا عن حضور جميع مباريات الميرنجي في البرنابيو، لم يفوّت يومًا أي مواجهة، ولم يجلس بجانب كبار الزوار وذوي ربطات العنق السوداء.. بل في قلب المدرج بجانب الجماهير كان يهتف.

لكن الموت باغته سريعًا؛ في أبريل 1992، وبينما كان عائدًا من مباراة ريال مدريد ضد تورينو، لقي مصرعه في حادث سير، عن عمر لم يتجاوز 37 عامًا.

في الدقيقة السابعة من كل مباراة تُقام على أرض ريال مدريد، يهتف الجمهور لخوانيتو، لأنه كان صوت القلب في زمن العزيمة، الرقم 7 الذي ارتداه، ويحمله اليوم نجوم أمثال مبابي، كان عنوانًا للشغف، وقدوة في الإصرار.

حتى اليوم، لا تزال مدرجات البرنابيو ترفض أن تنسى، وتُثبت أن بعض الأبطال لا يرحلون أبدًا.





تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *