أثار إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نية بلاده الاعتراف رسميا بدولة فلسطين ردود فعل متباينة حادة على الساحة الدولية. إذ عبر قادة إسرائيل عن رفضهم الشديد للخطوة واعتبروها تهديداً وجودياً ومكافأة للإرهاب، بينما وصفت واشنطن القرار بأنه «متهور» ويخدم دعاية حماس. في المقابل، لاقى الإعلان ترحيبا فلسطينيا وعربيا ودعما من إسبانيا، فيما ظل الموقف الأوروبي منقسما مع تعبير ألمانيا عن رفضها للاعتراف في الوقت الراهن.
وفيما يلي أبرز ردود الفعل الدولية:
فلسطين
من جهته، أبدى نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ الخميس ترحيبه بإعلان الرئيس الفرنسي، معتبرا أن «هذا الموقف يجسد التزام فرنسا بالقانون الدولي ودعمها حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة».
إسرائيل
ندّد القادة الإسرائيليون بشدّة بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنّ بلاده تعتزم الاعتراف رسميا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/سبتمبر. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قرار ماكرون بأنّه «يكافئ الإرهاب» ويشكّل تهديدا وجوديا للدولة العبرية ويوفّر «منصّة انطلاق للقضاء على» الدولة العبرية. وقال نتانياهو في بيان إنّ هذه الخطوة قد تؤدّي إلى «إيجاد وكيل إيراني جديد، وهو تماما ما تحوّلت إليه غزة»، لافتا إلى أنّ قيام دولة فلسطينية سيشكّل «منصة إطلاق لإبادة إسرائيل، وليس العيش بسلام بجوارها». وتابع رئيس الوزراء الإسرائيلي «لنكن واضحين: الفلسطينيون لا يسعون إلى دولة إلى جانب إسرائيل. إنهم يسعون إلى دولة بدلا من إسرائيل». بدوره، اعتبر وزير الخارجية جدعون ساعر أنّ أيّ «دولة فلسطينية ستكون دولة لحماس»، في إشارة قطاع غزة الذي شنّت انطلاقا منه حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 هجوما غير مسبوق على الدولة العبرية أشعل فتيل الحرب التي ما زالت متواصلة في القطاع الفلسطيني. أما نائب رئيس الوزراء وزير العدل ياريف ليفين فرأى في قرار ماكرون «دعما مباشرا للإرهاب» و«وصمة عار في تاريخ فرنسا». من ناحيته، حذّر وزير الدفاع إسرائيل كاتس من أنّ الدولة العبرية «لن تسمح بإنشاء كيان فلسطيني من شأنه أن يضرّ بأمننا». وذهب وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموطريتش أبعد من ذلك بقوله إنّ إعلان ماكرون «أعطى إسرائيل دافعا إضافيا» لضمّ الضفة الغربية التي تحتلّها منذ 1967 و«وضع حدّ نهائي للوهم الخطير المتمثل في دولة فلسطينية إرهابية».
الولايات المتحدة
أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أنّ الولايات المتّحدة ترفض بالكامل ما أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس عن اعتزام باريس الاعتراف قريبا بدولة فلسطين، محذّرا من أنّ هذا «القرار المتهوّر» يُعيق الجهود الرامية لتحقيق السلام. وكتب روبيو في منشور على منصة إكس أنّ «هذا القرار المتهوّر لا يخدم سوى دعاية حماس ويُعيق عملية السلام. إنه صفعة على وجه ضحايا السابع من تشرين الأول/أكتوبر»، اليوم الذي شنّت فيه الحركة الفلسطينية هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أشعل فتيل حرب ما زالت مستمرة حتى اليوم في قطاع غزة.
إسبانيا
رحّب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الخميس بإعلان فرنسا أنها ستنضم إلى إسبانيا في الاعتراف بدولة فلسطين، قائلا إن هذه الخطوة من شأنها أن ‘تحمي’ حلّ قيام دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب. وجاء في منشور على منصة إكس لسانشيز الذي يُعتبر معارضا بشدة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ‘معا، يتعيّن علينا حماية ما يحاول (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتانياهو تدميره. حلّ الدولتين هو الحل الوحيد’.
ألمانيا
ورغم هذا الزخم من الترحيب، يبقى الموقف الأوروبي منقسماً، إذ ترى ألمانيا أن الاعتراف في الوقت الحالي سيشكل «إشارة سيئة».
المملكة العربية السعودية
رحّبت السعودية بإعلان فرنسا أنها ستعترف بدولة فلسطين، معتبرة أنّ هذا «القرار التاريخي» يؤكد «حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة». وأعلنت وزارة الخارجية السعودية على منصة إكس «ترحيب المملكة العربية السعودية بإعلان رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون عزم بلاده على الاعتراف بدولة فلسطين الشقيقة»، مشيدة بـ«هذا القرار التاريخي الذي يؤكد توافق المجتمع الدولي على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية». وجدّدت السعودية «دعوتها لبقية الدول التي لم تعترف بعد، لاتخاذ مثل هذه الخطوات الإيجابية والمواقف الجادة الداعمة للسلام وحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق».
الأردن
رحّبت وزارة الخارجية الأردنية بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس عزمه على الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/سبتمبر المقبل، معتبرة هذا القرار «خطوة في الاتجاه الصحيح». وأضافت الوزارة في بيان أنّ المملكة «تثمّن قرار الرئيس الفرنسي باعتباره خطوة هامة للتصدّي لمساعي إنكار حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير وتجسيد دولتهم المستقلة وذات السيادة على ترابهم الوطني». وأكّد البيان أنّ قرار ماكرون هو «خطوة في الاتجاه الصحيح المفضي إلى تجسيد حلّ الدولتين وإنهاء الاحتلال» الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ويستضيف مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك يومي 28 و29 تمّوز/يوليو مؤتمرا دوليا برئاسة مشتركة فرنسية-سعودية لبحث مستقبل الدولة الفلسطينية. وفي بيانها، نوّهت وزارة الخارجية الأردنية إلى أهمية هذا المؤتمر في «حشد دعم دولي لمزيد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أساس حلّ الدولتين، سبيلا وحيدا لتحقيق السلام العادل والشامل الذي يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة». ومساء الخميس، أعلن ماكرون أنّ بلاده ستعترف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/سبتمبر المقبل، في قرار سارعت إسرائيل للتنديد به واصفة إياه بأنه «يكافئ الإرهاب».
حماس
من جانبها، ثمنت حركة حماس قرار ماكرون، واعتبرته «خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح نحو إنصاف الشعب الفلسطيني المظلوم» و«تطوراً سياسياً يعكس تنامي الاقتناع الدولي بعدالة القضية الفلسطينية»، ودعت بقية الدول، خاصة الأوروبية، إلى اتخاذ خطوات مماثلة.