ذكر سكان في السويداء بسوريا، أن الهدوء ساد، أمس الأحد، بعد إعلان الحكومة انسحاب مسلحين من العشائر البدوية من المدينة ذات الأغلبية الدرزية، وإشارة مبعوث أمريكي إلى بدء تنفيذ اتفاق لوقف الاشتباكات التي استمرت لأيام، فيما تسلم الرئيس السوري أحمد الشرع التقرير النهائي من اللجنة الوطنية المستقلة المكلفة بالكشف والتحقيق في الأحداث التي شهدها الساحل السوري في أوائل شهر مارس/آذار الماضي.
مع سقوط مئات القتلى، شكلت مواجهات السويداء اختباراً صعباً للسلطات الانتقالية. كما دفعت تلك الأحداث إسرائيل إلى شن غارات جوية الأسبوع الماضي، معلنة دعمها للدروز. واستمرت الاشتباكات أمس الأول السبت رغم دعوة لوقف إطلاق النار.
وطالبت الرئاسة الروحية لطائفة الدروز، بسحب كافة القوات الحكومية من السويداء، والوقف الفوري لكافة الهجمات العسكرية على المدينة. وحثت الطائفة على عودة الاتصالات مع الحكومة، تمهيداً للإفراج الفوري عن الموقوفين.
وقال وزير الداخلية السوري أنس خطاب، أمس الأحد، «نجحت قوى الأمن الداخلي في تهدئة الأوضاع ضمن المحافظة، بعد انتشارها في المنطقة الشمالية والغربية منها، وتمكنت من إنفاذ وقف إطلاق النار داخل مدينة السويداء، تمهيداً لمرحلة تبادل الأسرى والعودة التدريجية للاستقرار إلى عموم المحافظة».
وأظهرت صور لرويترز قوات أمن تابعة لوزارة الداخلية منتشرة في منطقة قرب المدينة، وأغلقت طريقاً أمام تجمع من أفراد العشائر.
وأعلنت الداخلية في ساعة متأخرة من مساء السبت انسحاب مسلحي العشائر البدوية.
من جانبه، استنكر الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني، وليد جنبلاط، «أي تصريح يدعو إلى حماية دولية أو إسرائيلية» للدروز في سوريا، ورأى أن «هذه الطروحات تُشكّل مسّاً بسيادة سوريا وتاريخ السويداء الوطني والعربي»، داعياً إلى «وقف التصعيد ورفع الحصار عن المناطق المتضررة، والعمل الجاد لتفادي الانزلاق إلى مزيد من التوتر».
في غضون ذلك، قال توماس باراك المبعوث الأمريكي إلى سوريا على منصة إكس إن الطرفين «توصلا إلى هدنة واتفقا على وقف الأعمال القتالية… تتمثل الخطوة التالية على طريق لمِّ الشمل وخفض التصعيد بشكل دائم في التبادل الكامل للرهائن والمحتجزين، والعمل جارٍ على توفير الأمور اللوجستية اللازمة (لتنفيذ ذلك)».
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن قافلة مساعدات أرسلتها الحكومة إلى المدينة مُنعت من الدخول، بينما سُمح بدخول المساعدات التي نظمها الهلال الأحمر السوري.
وقال مصدر أمني سوري لرويترز إن قوات الأمن الداخلي اتخذت مواقع قرب السويداء، وأقامت نقاط تفتيش في كل من الجزأين الغربي والشرقي من المحافظة، حيث تجمع عدد من مسلحي العشائر المنسحبين.
إلى ذلك، ذكرت (سانا) أن الشرع تسلم، أمس، التقرير الكامل للجنة الوطنية المستقلة المكلفة بالكشف والتحقيق في الأحداث التي شهدها الساحل السوري في أوائل شهر مارس/آذار، وأدت إلى مقتل 1500 فرد من الأقلية العلوية في أعقاب هجمات على قوات الأمن.
وأعلنت الرئاسة أنها ستعمل على «فحص النتائج الواردة في التقرير بدقة وعناية تامتين لضمان اتخاذ خطوات من شأنها الدفع بمبادئ الحقيقة والعدالة والمساءلة ومنع تكرار الانتهاكات في هذه الوقائع وفي مسار بناء سوريا الجديدة».
وأضافت «تطلب رئاسة الجمهورية من اللجنة الوطنية، إذا رأت ذلك مناسباً، عقد مؤتمر صحفي لعرض أعمالها ونتائجها الرئيسية بما يحفظ كرامة الضحايا ويحترم سلامة الإجراءات القضائية وحماية الأدلة وذلك في أقرب وقت عملي ممكن».
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي مجموعة مراقبة مستقلة، يوم الجمعة، إن عدد القتلى جراء أعمال العنف منذ 13 يوليو الجاري بلغ 321 شخصاً على الأقل، من بينهم مدنيون عاملون في المجال الطبي ونساء وأطفال ومسلحون من البدو وأعضاء في جماعات محلية وأفراد من قوات الأمن. وأضافت أن العنف تضمن إعدامات ميدانية من الجانبين.
وقال مصادر حقوقية سورية، إن الاشتباكات منذ الأسبوع الماضي في محيط السويداء أودت بحياة 940 شخصاً على الأقل. (وكالات)
واشنطن تطالب دمشق بمنع المتطرفين من دخول السويداء
طالب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، السلطات السورية بمنع «داعش» أو أي متطرفين من دخول محافظة السويداء، في جنوب البلاد. وقال روبيو، في تدوينة عبر حسابه على موقع «إكس»، أمس الأحد، إن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت منخرطة بشكل مكثف خلال الأيام الثلاثة الماضية مع إسرائيل والأردن والسلطات في دمشق بشأن التطورات المروعة والخطِرة في جنوب سوريا.
وطالب روبيو بوقف الانتهاكات «التي وقعت وما زالت تحدث». وأضاف: «إذا أرادت السلطات في دمشق الحفاظ على أي فرصة لتحقيق سوريا موحدة وشاملة وسلمية، خالية من داعش والسيطرة الإيرانية، فعليها المساعدة في إنهاء هذه الكارثة». وطالب الحكومة السورية باستخدام قواتها الأمنية لمنع «داعش» وأي متطرفين آخرين من دخول المنطقة وارتكاب «المجازر»، ودعاها إلى «محاسبة وتقديم أي شخص مذنب بارتكاب فظائع إلى العدالة، بمن فيهم من هم في صفوفها»، حسب قوله. وشدد على ضرورة توقف القتال بين الجماعات الدرزية والبدوية داخل المنطقة فوراً.
وكان وفد من الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي أي أيه) زار قاعدة عسكرية في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.
وقالت مصادر حقوقية سورية، إن الوفد وصل، أمس الأول السبت، إلى قاعدة قسرك الواقعة شمال المحافظة، على متن 10 عربات مصفحة، حيث يُرجّح أن الزيارة تهدف إلى إجراء تقييم أمني وميداني.
كما يجري تنسيق الجهود مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لمحاربة التهديدات التي يمكن أن تشكلها خلايا تنظيم داعش الإهابي.(وكالات)