جدي ووالدتي غرسوا فيّ شغف الصقور

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


أبوظبي: ميرة الراشدي

«الصقارة»، من أبرز رموز التراث الإماراتي المتجذر في أعماق الهوية الوطنية، وبينما ارتبط هذا الفن العريق لسنوات طويلة بالرجال، ظهرت وجوه شابة صغيرة كسرت الصورة النمطية، أبرزها الطفلة عوشة خليفة المنصوري، أصغر صقارة إماراتية.

ورغم صغر سنها، استطاعت عوشة المنصوري البالغة من العمر 11 عاماً، أن تلفت الأنظار، كونها أصغر صقارة إماراتية، تمارس هذه الهواية الأصيلة بشغف واحتراف، لتثبت أنها ليست حكراً على الرجال، بل هي تراث حيّ يمكن للفتيات أن يبدعن فيه ويواصلن حمل رايته.

في قلب الطفلة عوشة المنصوري، لم تكن الصقارة مجرد هواية، بل إرث نابض بالحب والحنين، ورابطة خفية تجمعها بجدّها الراحل مطر، الذي كان أول من وضع في يدها برقع الطير، وأول من أيقظ في قلبها شغف الصقور. ورغم صغر سنها، اختارت أن تسير على خطاه، وتحمل راية تراثٍ كانت بداياته معها لحظات دافئة في حضرة الجدّ، لتصبح اليوم أصغر صقارة إماراتية تُحلّق باسم الوطن.

بداية

عن بدايتها في عالم الصقور، قالت عوشة المنصوري: «منذ طفولتي المبكرة، كنت أراقب والدتي وجدّي مطر، رحمه الله، وهما يتعاملان مع الصقور، وبدأت أتشرب هذا الحب تدريجياً، هو أول من شجعني، وهي التي علمتني كيف أعتني بالصقر وأتعامل معه بمحبة واحترام». وأضافت: «في عمر سبعة إلى ثمانية أشهر كنت أحاول الإمساك ببرقع الطير، وفي سن الثالثة حصلت على أول طير خاص بي من نوع «تبع»، ولن أنسى تلك اللحظة أبداً، شعرت حينها بمسؤولية وفرحة كبيرة، كوني أمتلك صقري الخاص».

خلال العام الدراسي، تنظم عوشة المنصوري بين الدراسة والتدريب والمقناص، وأحياناً تضطر للتنازل عن بعض الأنشطة مقابل المشاركة في رحلات الصيد. وتقول: أمتلك صقرين، أحدهما من نوع «سيبري» والآخر «حر وحش»، ويبقيان

في غرفتي أثناء وجودي في المدرسة، وعندما أعود أراهما وأجهزهما للتدريب في فترة العصر أو للخروج إلى الصيد، وهناك عامل يساعدني في رعايتهما ويتولى متابعتهما في حال غيابي أو غياب والدي.

تقول عوشة المنصوري: رغم التحديات المجتمعية والنظرة النمطية التي قد تواجه الفتيات، لم أتراجع عن شغفي، بل حولته إلى مصدر فخر وإلهام، وبعض الناس قالوا لي إن الصقارة قد تكون صعبة على البنات، لكنني لم أسمح لكلامهم أن يوقفني. والدتي، أول صقارة إماراتية، كانت قدوتي ومعلمتي، والشغف كان دافعي الأساسي للاستمرار. وأكدت أن دعم العائلة كان له أثر كبير في استمرارها.

حضور ثقافي

أشارت عوشة المنصوري إلى أن حضورها لم يقتصر على ميادين المقناص، بل امتد إلى الساحة الثقافية، مشيرة إلى أنها شاركت في جلسة حوارية خلال معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، تناولت فيها قصة «عوشة وجدها مطر» التي ألّفتها والدتها عائشة مطر المنصوري.

وقالت: تحدثت عن تجاربي في مجال الصقارة والمقناص، وشرحت للأطفال عن الصقور، وطرحوا عليّ العديد من الأسئلة التي أجبت عنها بكل حب، وأردت أن أوصل لهم رسالة بأن التراث ليس شيئاً قديماً فقط، بل يمكننا أن نحبه ونعيشه حتى في صغرنا.

عوشة المنصوري تتمنى أن تشارك في بطولات الصقارة على مستوى العالم، واستكمال مشروع «رحلات الصيد بالصقور للسيدات»، وإنشاء محمية خاصة للصيد والمبيت. كما تحلم بإنشاء مركز متخصص لتعليم الصقارة للفتيات، وأن تؤلف كتباً للأطفال عن التراث، لتغرس حب الصقور في نفوس الجيل القادم.

ورسالتها للفتيات هي ألا يخفن من الاختلاف، وأن يكنَّ قويات ويتبعن شغفهن، لأنهن قادرات على صناعة الفرق، وأن يكنّ قدوة لغيرهن.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً