هواجس المستقبل وتأثيرها على الحاضر

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


في لحظات السكون، حين لا يشغلنا شيء محدد، كثيراً ما يتسلل القلق إلى أذهاننا على هيئة أسئلة تبدأ بـ «ماذا لو؟» ماذا لو فقدت عملي؟ ماذا لو مرض أحد أحبائي؟ ماذا لو لم أنجح في ما أطمح إليه؟ هذه الأسئلة ليست غريبة على أحد، بل إنها جزء من تجربة إنسانية طبيعية، لكن لماذا نميل إلى هذا النوع من التفكير، رغم أنه، في أغلب الأحيان، لا يؤدي إلى حلول، بل يزيد من شعورنا بالضيق دون فائدة؟ علم النفس يصف هذه الظاهرة بما يعرف بـ «الاجترار المستقبلي»، وهو التفكير المتكرر في سيناريوهات سلبية لم تحدث بعد. تسلط دراسة بعنوان «الاجترار والتفكير المستقبلي والاكتئاب»، الضوء على العلاقة الوثيقة بين الاجترار والتفكير السلبي في المستقبل، وتركز على الأفراد المصابين بالاكتئاب. أوضحت الدراسة أن الأشخاص الذين يميلون إلى اجترار الأفكار بشكل متكرر يصبحون أكثر عرضة لتوقع سيناريوهات سلبية في المستقبل، وهو ما يعمق مشاعر القلق وفقدان الأمل. وقد بينت التجربة التي أجراها الباحثون أن تحفيز المشاركين على الاجترار للماضي زاد من تكرار الأفكار المستقبلية السلبية موازنة بمجموعة أخرى طلب منهم الانشغال بأفكار حيادية. هذا الربط بين اجترار الماضي واستحضار المستقبل بصورة مظلمة يدعم الفرضية القائلة إن الاجترار لا يقيد الإنسان بزمن ماض فقط، بل يؤثر في رؤيته لما هو قادم، مما ينعكس سلباً على الصحة النفسية وجودة الحياة.

جزء من هذا القلق ينبع من وهم السيطرة. نعتقد أننا إذا فكرنا بما فيه الكفاية، يمكننا التحكم في المستقبل أو منع الأشياء السيئة من الحدوث، في حين أن الكثير من مجريات الحياة تقع خارج إرادتنا. كما أن وجود وفرة في المعلومات ووسائل التنبؤ والتحليل في عالم اليوم، يجعلنا نظن أن كل شيء يمكن توقعه وضبطه، مما يزيد من مسؤوليتنا الشعورية حيال ما لم يحدث بعد.

رغم أن القلق شعور طبيعي، إلا أن الإفراط فيه يستهلك طاقتنا الذهنية ويمنعنا من الاستمتاع بالحاضر، فاللحظة الحالية هي المكان الوحيد الذي يمكننا فيه اتخاذ قرارات، بناء عادات، وتشكيل حياتنا.

إن أفضل وسيلة لمواجهة قلق المستقبل هي تحسين علاقتنا بالحاضر. كلما شعرنا بأننا نعيش حياتنا اليومية بوعي واهتمام، أصبح اعتمادنا على التوقعات والافتراضات أقل بكثير.

يمكن لروتين بسيط، أو إنجاز صغير، أو لحظة صفاء ذهني أن تكون ترياقاً فعالاً في وجه التفكير والقلق.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com



‫0 تعليق

اترك تعليقاً