هل تؤكدون دخول الجنة لأنفسكم لتمنعوها عن الآخرين؟

هل تؤكدون دخول الجنة لأنفسكم لتمنعوها عن الآخرين؟


قال الدكتور مظهر شاهين، إن عند الإعلان عن وفاة شخصية معروفة من غير المسلمين، حتى يظهر من يتصدى للناس بإنكارٍ مشين، يعترض على مجرد الترحم، ويُنصّب نفسه قاضيًا على العباد، ووكيلًا عن الرحمن، وكأن الجنة بيديه، والنار تحت وصايته، فيبدأ بتوزيع الأحكام على من شاء، ويمنع الرحمة عمن شاء.

مظهر شاهين عن جدل الترحم على لطفي لبيب: “دعوا الحكم لله”

وأضاف: ونحن نسأل هؤلاء: هل ضمنتم الجنة لأنفسكم حتى تحرّموها على غيركم؟، هل وقع في أيديكم كتابٌ من السماء بخاتمتكم وخاتمة غيركم؟ وهل علمتم بموازين الله يوم القيامة، حتى تتألهوا عليه وتتكلموا في رحمته، وقد قال لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم: “وما أدري ما يُفعل بي ولا بكم”.

وتابع: إن أعظم الناس طاعةً لله، وأقربهم منزلةً عنده، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لم يدّعِ أنه يملك علم الآخرة، فكيف بكم وأنتم العباد المكلّفون مثل غيركم، تأخذون مكان الله في الحكم، وتغلقون أبواب رحمته التي وسعت كل شيء؟!، ثم إن الإسلام في جوهره دين الرحمة، وقال تعالى: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، فلم يقل “للمسلمين”، بل “للعالمين”، لتشمل هذه الرحمة كل إنسان، وكل نفس، وكل مخلوق.

واستكمل: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”، فأين أنتم من هذه المعاني، وأنتم تضيّقون ما وسّعه الله، وتكفّرون من لا يستحق، وتمنعون عنهم أبسط معاني الإنسانية؟.

وأكد أن الترحُّم على الميت غير المسلم ليس حكمًا له بالجنة، بل هو دعاء أن يعامله الله بعدله ورحمته، وأن يغفر له إن شاء، أو يرحمه إن أراد، وما ذلك على الله بعزيز.

وتسأل وهل أحد منكم يملك مفاتيح الجنة والنار حتى يتحدث بثقة عجيبة عن من يُغفر له ومن لا يُغفر له؟ إننا جميعًا نرجو رحمة الله، ونخاف من غضبه، ونحسن الظن بعدله، فكيف نحرم غيرنا مما نرجوه لأنفسنا؟.

قال الشيخ مظهر شاهين، الداعية الإسلامي، إن القرآن الكريم بيّن بوضوح أن الصالحين من أهل الديانات الأخرى لهم أجرهم عند الله، مستشهدًا بقوله تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”، مؤكدًا أن هؤلاء صدّقوا برسالتهم، وأطاعوا نبيّهم، وآمنوا بالله، وعملوا الصالحات، وأمرهم إلى الله.

وأضاف شاهين: “من آمن بنبيه في زمنه واتبعه فيما أُمر، فهو مسلم في زمانه، لأن الإسلام في جوهره هو الاستسلام لله وطاعته، وليس مجرد لقب، وقد قال تعالى على لسان الحواريين: ‘آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ’”.

وعن مسألة الترحم على غير المسلمين، أوضح شاهين أن ذلك “يأتي من باب الإنسانية والأخلاق، وليس من باب الأحكام الشرعية القطعية”، مستشهدًا بموقف النبي ﷺ حين مرّت جنازة يهودي فقام لها، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: “أليست نفسًا؟”.

وتساءل شاهين: “هل كان رسول الله ﷺ – وهو أرحم الخلق – يجهل ما يدعيه المتشددون من أحكام؟! بل إنه علمنا المعنى الحقيقي للرحمة والإنسانية في أبهى صورها”.

وأكد شاهين أن النبي ﷺ حذر من التجرؤ على الله في الحكم على عباده، مستشهدًا بحديث النبي: “قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله: من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان؟ قد غفرت له وأحبطت عملك”،
مشيرًا إلى خطورة أن يُصدر أحد حكمًا مطلقًا على مصير إنسان عند الله.

وختم الشيخ مظهر شاهين تصريحاته قائلًا: “دعوا الحكم لله، واشتغلوا بإصلاح أنفسكم، وكونوا دعاة للرحمة لا للنقمة، فإن الإسلام لم يكن يومًا دين تشدد أو غلظة، بل هو دين العدل والرحمة والإنصاف”.

وأضاف: “رحم الله من مات طيب السيرة، حسن الخلق، نافعًا للناس، ونسأل الله أن يعاملنا جميعًا برحمته، فنحن فقراء إلى رحمته، راجون لعفوه ورضاه”.



تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *