مصر تواجه سلسلة من التغيرات المناخية غير الملحوظة.

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


كشف الدكتور محمد على فهيم، مستشار وزير الزراعة رئيس مركز معلومات تغير المناخ بالوزارة، عضو مجلس إدارة هيئة الأرصاد الجوية،  عن طبيعة التغيرات التى يشهدها المناخ فى مصر، وتأثير ذلك على الأفراد والمجتمع.

 

وقال فى حوار خاص لـ«الإذاعة والتليفزيون» إن الدولة انتبهت لملف التغيرات المناخية مبكرا، وسعت بجهود مكثفة للحد من آثاره، وبفضل هذه التحركات جرى تجنيب الأفراد والمجتمع تغييرات كثيرة.

ما أسباب الارتفاعات غير المسبوقة فى الحرارة؟

الاحتباس الحرارى السبب الرئيس فى التغيرات المناخية والتى وبنص تصريحات أمين عام الامم المتحدة.. فإن العالم يتجه لمرحلة الغليان، والتغيرات المناخية لا تعنى فقط الحرارة الشديدة التى يشتكى منها الناس، لكنها تغير طبيعة الظواهر الجوية، وعاصفة دانيال التى أصابت ليبيا ليست ببعيد، فكان أقصى مدى لها قبلا اليونان وبسرعة ٧٠ و٨٠ كيلو متر فى الساعة، لكنها وبسبب التغير المناخى تخطت شمال المتوسط ووصلت لجنوبه فى ليبيا ومحت مدنا، ودول أوروبا زادت فى تركيب المكيفات بعد ارتفاع درجات الحرارة بها إلى ٣٨ و٤٠ درجة، كما ايطاليا، كندا ٥٠ و٥١،  وهى درجة لم يعتد عليها الأوروبيون، الأخطر من عدم تحمل ارتفاع درجات الحرارة هو عدم قدرة المحطات على توليد الكهرباء، فضلا عن أن ارتفاع درجات الحرارة يؤثر على مخزون المياه التى نحتاجها فى المنازل والزراعة بشكل رئيسى .

 كيف كانت الدرجات قبل ١٠ سنوات فى نفس التوقيت؟

تقييم درجات الحرارة إما وفقا  للمتوسط السنوي، أو الشهري، أو عدد الأيام الحارقة، وبشكل عام فإن درجة حرارة الأرض ارتفعت بمقدار ١.٣ درجة مئوية والزيادة فى رأيى  تتعدى الدرجتين فى المناطق الحارة والجافة مثلنا، وفى  تصريح الأمين العام للأمم المتحدة فى وقت سابق، قال إنه قد انتهى عصر الاحتباس الحرارى ونحن الآن فى عصر الغليان، وهو ما يحتاج من الدول المؤثرة فى الاحتباس الحرارى وبالتالى التغيرات المناخية أن تقوم بدورها فى خفض الانبعاثات ودعم الدول المتأثرة لتقليل تداعيات التغيرات المناخية عليها، فإذا علمنا أنه يتم سنويا ضخ ٣٠ لـ٤٠  مليار طن من غازات الاحتباس الحرارى فى الغلاف الجوى وتلك لا تختفى أو تخرج إنما تظل حبيسة مؤثرة فى درجة حرارة الأرض، لماذا نقول دولًا مؤثرة وبنسب لأنها بسبب الثورة الصناعية ومن وقتها بدأ التوجه للاحتباس الحرارى الذى نعانيه الآن، ٣٠٪  الصين١٤٪ الولايات المتحدة، ١٠٪ لكل من روسيا والاتحاد الأوروبى والبرازيل والهند، و٣٪ فقط لكل أفريقيا ونسبة مصر منها ٠.٦ ٪،  وهذه مسئولية الدول الصناعية الكبرى فى دعم الدول التى تأثرت جراء مكسبها هي،  فضلا عن تأثر الكوكب كله، ففى خلال ١٠٠ سنة من ١٨٨٥ لـ١٩٨٥، ارتفعت معدلات ذوبان الجليد خاصة فى القطب الشمالى ما أثر على ارتفاع مناسيب المياه فى المحيطات والبحار، ومن ثم تأثيرها على الأراضى المنخفضة بما فيها شمال الدلتا المعرضة للتملح، والتغيرات المناخية أكبر من قدرة البلدان المتقدمة والنامية على السواء فى مواجهاها، خاصة أنها قد تأتى مختلفة عن التوقعات والنماذج التى وضعها العلماء، لم يصبح هناك على سبيل المثال حدود للفصول المناخية، يبدأ الصيف فلكيا من ٢١ يونيو لكن مناخيا صار قبل هذا التاريخ بشهر أو اكثر، الجو البارد قد يمتد لمايو مع أيام من الموجات الحارة، مناخ مصر لم يعد حار جاف صيفا وإنما شديد الحرارة صيفا.

  عواقب التغير المناخى أكبر من قدرات الدول على تحملها، لكن مصر بدأت مبكرا فى حلول استباقية، ما اهمها وأهميتها على مستوى الأمن الغذائي؟

لو لم تبدأ مصر مبكرا رغم محدودية المياه والأرض الزراعية لكانت المحاصيل غير متوافرة بالشكل الحالي، ولكانت الأسعار أكبر كثيرا، فمصر بالأساس كان لديها فجوة بين الإنتاج والاستهلاك،  لكن مصر عمدت رغم الظروف الاقتصادية للإنفاق لحماية أمنها الغذائى الآن ومستقبلا، فهو مكون رئيس لأمنها القومي، ونحتت فى الصخر وأضافت للرقعة الزراعية ٢.٢ مليون فدان حتى العام الماضي، وبإنتاج ٣٠ مليون طن سنويا يضخ فى الأسواق، واستعدت بمشروعات استصلاح الأراضي، ومحطات معالجة المياه لأن أغلب الأرض صحراوية ومناخنا جاف، فمصدرنا الأساسى للمياه هو نهر النيل، ولدينا ٣ محطات الأكبر عالميا لمعالجة الصرف فى المحسمة والحمام وبحر البقر، وتضخ ١٥ مليون متر مكعب يوميا من المياه، والتوسع الرأسى من خلال تطوير أصناف أعلى إنتاجية تتحمل التغيرات المناخية ومقاومة للجفاف والأمراض، وتمكث مدة أقل فى الأرض كالقمح، والذرة، والأرز الذى قلت مدة وجوده فى الأرض من ١٦٠ لـ١٢٠ يومًا، ومشروع الصوامع للحفاظ على احتياطى استراتيجى من القمح، والصوب الزراعية والتوجه لتوطينها والموجودة فى قاعدة محمد نجيب والعاشر من رمضان واللاهون وغرب المنيا، والتى تعمل على توفير المحصول طوال العام بجودة عالية، وفى المشروعات الزراعية الجديدة القائمة على الرى الحديث مع العمل على تطوير أنظمة الرى فى كل مصر، والطرق كما ذكرنا وأضيف طريق الضبعة   ٣٠٠ كيلو متر، لكنه أضاف لمستقبل مصر ٤٠٠ ألف فدان.. وغيرها من استثمارات مؤجلة للمستقبل، فهى ضرورية مهما كان البعض يراها مكلفة الآن.

 كيف يؤثر التغير المناخى على الناس؟

التغير المناخى مرتبط بكل شيء، بفضل ربنا أن مصر بموقعها الجغرافى ليست معرضة للتغيرات المناخية العنيفة، وإن كانت دول كأوروبا والصين وروسيا والولايات المتحدة ووسط آسيا والصين،  المتميزة بالمناخ المعتدل وبالتالى أقل احتمالية لتغيرات عنيفة ولكانت تعرضت لحرائق الغابات وجفاف أنهار وسيول فى أماكن وجفاف أكبر فى مناطق أخرى، لكن مصر تتعرض لتغير مناخى صامت، يظهر فى موجات متلاحقة من الحرارة العالية صيفا، تلاشى الفواصل بين الفصول، تذبذب الطقس ما يؤثر على المحاصيل على سبيل المثال قبل أكثر من عام تأخر نضوج التمر ٢٠ يوميا لامتداد الشتاء، قبل أربعة أعوام خسرنا مليون طن مانجو أيضا، وغيرها من المحاصيل، وهذا يؤثر على الأسعار، والتغيرات المناخية تؤثر على مزاجية الأفراد، وعلى نظامهم الغذائي، فإذا كان طقس مصر فى الماضى القريب يسمح بأطعمة كالأرز والخبز،  فى نظام يعتمد على الكربوهيدرات، لم يصبح ذلك مناسبا الآن سبب ارتفاع درجات الحرارة.

  من حين لآخر تعلو أصوات برفض قطع الأشجار لبناء طرق.. فكيف ترد على ذلك؟

قطع الأشجار أخذ حيزا كبيرا بلا داع فى فترة ماضية، ببساطة وللتوضيح قطع الأشجار الذى يؤثر فى تغير المناخ هو ذلك الذى يكون بمئات الملايين، وبالمليارات، بمعنى آخر إزالة الغابات بما تعنيه من ملايين الهيكترات من المساحات الخضراء، ويكون عادة لإعادة استخدام المساحات كأرض زراعية فضلا عن البناء أو المصانع، وهذه تؤثر لأن لها دور بفضل عددها الهائل فى امتصاص جزء كبير من غاز ثانى أكسيد الكربون المسبب الرئيسى فى الاحتباس الحرارى وبالتالى تغير المناخ، لكن ما يحدث فى مصر لا يؤثر بهذا الشكل.. لسببين، الأول أن العدد مهما كان لا يصل لمئات الملايين، والثانى أن الدولة تقوم بزراعة أشجار مرة أخرى إذا كان ذلك مناسبا فى نفس المكان أو بشكل عام على امتداد الجمهورية، ربما زاد اللغط بسبب تزامن ذلك عادة مع الموجات شديدة الحرارة، ومع  عدم وجود توضيحات فورية من البيئة والمحليات عن عدد ما يتم إزالته وأسبابه وما يتم إعادته أو زراعته بشكل عام، وأود هنا أن أحيل القارئ لملف قد يبدو بعيدا عما نتحدث فيه، لكنه جزء مهم، لماذا قد يتم قطع عدد من الأشجار لتوسعة طريق تعترضه وانشاء طرق ومحاور جديدة.. الحكومة تزيل مبان لحاجتنا لتطوير شبكة الطرق، هل نعلم أن تطوير شبكة الطرق جزء من آليات مواجهة اثار التغير المناخي، لأن التكدس المرورى الذى كان موجودا قبل خمس سنوات وأكثر بالإضافة للتأثير الضار للعوادم على البيئة والصحة العامة وتأثيرها على انسيابية الحركة والحياة، فإنه مع موجات الحر التى تزداد حدتها تزداد احتمالات الاصابة بضربات الشمس والاجهاد الحراري، ما يعنى أن هذا التكدس المرورى لو كان مستمرا لكانت حالات كثيرة خاصة من كبار السن والمرضى تملأ المستشفيات، لأن الحرارة داخل وسائل المواصلات تزداد عن الشارع بـ٥ درجات مئوية، لكن الآن تم سحب الكثافة المرورية  للطريق الدائرى الذى تمت توسعته، مع ربطه بالدائرى الإقليمي، لمنع الكثافة المرورية داخل نطاق القاهرة الكبرى مع ربطها بمحافظات فى الدلتا، وهناك طريق جارى العمل فيه حاليا لربط الطريق الدائرى بالاوسطي، فإذا عدنا للأشجار والمساحات الخضراء، ففى دراسة بيئية منذ سنوات أشارت إلى أننا فى حاجة لـ٦٠ مليون متر مساحات خضراء تعمل كرئة، لكن لم يتم ذلك، نعم كانت هناك جهود من قبل الدولة واقامت الأزهر بارك على ٧٠ فدان تقريبا، بعد أن كانت هذه منطقة تجمع للقمامة، لكن لم يكن ذلك كافيا، والدولة الآن تعمل بشكل أكبر على زيادة المسطح الأخضر ما كان لذلك سبيلا، أضرب مثلا بتلال الفسطاط على ٥٠٠ فدان، وهى أكبر حديقة فى الشرق الأوسط وستكون رئة تنفسية للقاهرة، إذن هناك مساحات أخرى تضاف فضلا عن ما لا يقل عن مليونى شجرة مثمرة ونخيل، ومع نهاية ٢٠٢٤ نحن نتحدث عن ٨ ملايين وأكثر مساحات خضراء، لكن نحتاج لنشر ما يتم من زرع كما ننشر ما يتم من قطع، فإذا انتقلنا لاتهام آخر وهو غلق حديقتا الأورمان والحيوان للتطوير، ببساطة يتم ذلك لأنه وفقا للقانون الدولى المنظم فإنه لا يجوز لأى دولة شراء حيوانات ما لم تكن مسجلة بالمنظمة وبالتالى لشراء جديد لتكون الحدائق اسما على مسمى لا بد من التسجيل فى المنظمة، والتسجيل يحتاج لتطويرها فكانت خطوة لا بد منها.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً