مشاهد من عمان | سوسن دهنيم

مشاهد من عمان | سوسن دهنيم


عَمَّان هي ذاتها، المدينة الهادئة التي تحتضن التنوع الاجتماعي والعرقي والديني والثقافي، المدينة التي تعرف كيف تحتضنك من غير أن تشعر بأنك في غير بيتك، مع أهلك وصحبك.
المدينة التي لا تعرف فيها المسلم من المسيحي ولا البدويّ من الحضريّ، ولا الفلسطيني من الأردني، إلا حين يتحدث، فتلتقط اللهجة وتبتسم.
هي مدينة الحالمين والكادحين، والآملين والقادرين على المحاولة مرات ومرات، مهما تكرر الفشل، لأنهم في النهاية سينجحون في تحقيق ما يتمنون.
زيارتي هذه المرة كانت بدعوة من إدارة مهرجان جرش، المهرجان الذي استطاع أن يخلق تغييراً حقيقياً في بوصلته، ليهتم بالأدب، سرداً وشعراً ونقداً، وبالمسرح والفلسفة والفكر، بالقدر الذي يهتم فيه ببقية الفنون الموسيقية والغنائية والبصرية.
الفعاليات الأدبية كثيرة، حتى أنك لا تستطيع القبض عليها جميعاً، متنوعة فيما تطرح، فهناك برنامج متكامل للأمسيات الشعرية طوال فترة المهرجان، فضلاً عن الندوات الفكرية والأدبية والتاريخية والإعلامية والقانونية والحقوقية التي تقام في شتى المواقع، إضافة إلى إقامة المؤتمر الفلسفي العربي، وملتقى تحولات السرد العربي في العصر الرقمي، وندوات جماليات المكان في الأدب الأردني، وذاكرة المكان وجمالياته. ولم يقتصر التنوع على نوعية الفعاليات، بل امتد إلى مكان إقامتها، فأقيمت في عَمَّان وجرش والزرقاء وإربد والمفرق وغيرها من المدن والمحافظات، حتى تشعر كأن الأردن كله يصر على المشاركة والتميز، فضلاً عن إشراك مؤسسات المجتمع المدني المعنية، كرابطة الكتاب الأردنيين، ودارة الشعراء، واتحاد الكتّاب الأردنيين، والجمعية الفلسفية الأردنية، ورابطة الفنانين التشكيليين.
هذا التعاون بين مؤسسات المجتمع المدني ووزارة الثقافة، أثمر تنوّعاً ومشاركة نوعية للمبدعين من الداخل الأردني والوطن العربي، إذ لم يُقْصِ المهرجان مبدعي الأردن، بل أعطاهم حقهم في المشاركة بنسبة كبيرة للتعريف بأبناء الأردن المتميزين، وهو ما يندر في المهرجانات العربية في الدول الأخرى.
عَمَّان هي ذاتها التي نعرف ونحب، ورابطة الكتاب الأردنيين مازالت تُعنى بفلسطين ونكبتها، باعتبارها قضيتها الأولى، كما عرفناها، والأردنيّ مازال «نشمياً» وسيبقى، والفلسطيني هناك مازال يشعر وكأنه في فلسطين.
لكل هذا النجاح والتنوع، صار لزاماً تقديم الشكر لوزارة الثقافة الأردنية وكل الجهات المشاركة لإنجاح هذا المهرجان، وللجنة الاستقبال والتنظيم، وجمهور الشعر الذي لم يملّ الشعر طوال مدة المهرجان.
[email protected]



تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *