قال الدكتور هاني تمام، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن الذنوب تنقسم إلى نوعين: ذنوب قاصرة على النفس، وذنوب متعدية، موضحًا أن الذنب القاصر يكون بين العبد وربه، كمن يشرب الخمر أو يزني، وهذا شأن بينه وبين الله، أما الذنب المتعدي فهو الذي يتجاوز ضرره الشخص نفسه ليصل إلى الآخرين، مثل إيذاء الغير أو نشر الفوضى، وفي هذه الحالة لا يجوز التستر عليه لأنه يصبح جريمة مكتملة الأركان تمس المجتمع بأكمله.
وأضاف الدكتور تمام، خلال حلقة برنامج “مع الناس”، المذاع على قناة الناس، اليوم الاثنين، أن من يتستر على من يؤذي غيره أو ينشر الفوضى لا يساعده فقط، بل يشاركه في الإثم، لأنه يتيح له التمادي في الضرر والفساد، مستشهدا بقوله تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، مؤكدًا أنه لا يجوز التعاطف أو التستر على من يحارب الله ورسوله، ولو كان من أقرب الناس.
وتابع: “لو شفت حد بيحمل فكر متطرف، أو يتبنى أفعالًا تمس أمن المجتمع والدولة، ما فيش أي مانع أبدا إنك توثق ده، أو تصوره، أو تبلغ عنه، لأن ده من باب الحفاظ على الأرواح والأوطان، وده لا يتعارض مع حديث النبي ﷺ (هلا سترته بثوبك)، لأن الحديث يخص الذنب القاصر، أما هنا فنحن أمام ضرر عام يمس الناس جميعًا”.
وفي حديثه عن كيفية تغلغل الفكر المتطرف في بعض العقول، أوضح الدكتور تمام أن الجماعات الإرهابية – وعلى رأسها جماعة الإخوان – تنجح في التأثير على بعض الشباب من خلال الجانب الإعلامي، الذي وصفه بـ”القوة الضاربة” لتلك الجماعات، وإن كثيرًا من الشباب سلموا عقولهم لهذه الجماعات دون وعي، فصدقوا الخطاب الديني المغلوط، وتعصبوا لأفكار إرهابية تحت ستار الدين.
وأشار إلى خطورة منصات التواصل الاجتماعي، التي أصبحت وسيلة خطيرة في تشكيل وعي الشباب، مطالبًا بضرورة الحذر في تلقي المعلومات، وعدم تسليم العقل لأي شخص يتحدث بعبارات مثل “قال الله وقال الرسول” دون علم، مضيفا: “زي ما حضرتك بتسأل قبل ما تروح لدكتور علشان تتأكد إنه أهل للثقة، لازم كمان تسأل وتتأكد مين اللي بتسمعه وبيتكلم باسم الدين”.
وأكد أن الدولة المصرية قامت بخطوة هامة في هذا الإطار من خلال إصدار “قانون تنظيم الفتوى”، بهدف ضبط الخطاب الديني وعدم السماح لغير المؤهلين بالتحدث في الدين، مشددًا على أن الفتوى والتحدث باسم الشريعة مسؤولية كبيرة لا يجوز التهاون فيها.