لبنان الرسمي والشعبي يشارك في تأبينه بالدموع والورود والموسيقى

لبنان الرسمي والشعبي يشارك في تأبينه بالدموع والورود والموسيقى


بيروت: «الخليج» ووكالات


ودّع لبنان، الاثنين، الفنان زياد الرحباني الذي توفي، السبت، عن 69 عاماً. وفي أجواء خيّمت عليها مشاعر الحزن والدموع، وصل جثمان الراحل إلى كنيسة رقاد السيدة في بلدة المحيدثة – بكفيا شرقي بيروت، واحتشد الأهل والأصدقاء ومحبو زياد لتوديعه في رحلته الأخيرة. وبعدها وصلت والدته الفنانة فيروز إلى الكنيسة، وجلست على المقعد الأمامي أمام النعش، ثم طُلب من الجميع الخروج من الكنيسة لترك الفنانة تُصلي بخصوصية أمام الجثمان. وبعد نحو 20 دقيقة، انضمت مع ابنتها ريما الرحباني، التي بدت عليها ملامح الحزن العميق، إلى أفراد العائلة والمقربين في قاعة الاستقبال التابعة للكنيسة حيث شاركت في تقبّل التعازي، وكانت تكتّف يديها وتشكر المعزّين بصمت محنية رأسها.
وشاركت سيدة لبنان الأولى نعمت عون في مراسم التشييع ممثلة الرئيس جوزيف عون، إضافة إلى رنده عاصي، عقيلة رئيس مجلس النواب نبيه بري.

رحلة الوداع

كانت رحلة الوداع بدأت من منطقة الحمرا في رأس بيروت، التي كانت تحتل مكانة خاصة في قلب زياد الرحباني، ونقل جثمانه، في مشهد مهيب، كما أراده له أصدقاؤه ومحبوه ورفاق دربه. ومنذ ساعات الصباح الأولى، تجمع المئات من محبي زياد، أمام مدخل مستشفى فؤاد خوري في الحمرا، في انتظار خروج نعش من وضع بصمة مميزة في الفن اللبناني عموماً، وفي إبداعات الرحابنة وفيروز خصوصاً، حيث كان الوداع مهيباً على باب المستشفى، وكانت الدموع حاضرة في مقل الحشود، في أجواء من الحزن الشديد، مترافقة مع ترداد أغانٍ وأعمال فنية، لحنها الراحل. وأحضر كثر من هؤلاء وروداً بيضاء وحمراء وباقات أزهار، وحمل عدد منهم صوراً للرحباني كُتب على بعضها «بَلا وَلا شي.. بحبّك»، في إشارة إلى عنوان إحدى أغنياته، وصدحت ألحان الراحل وصوته عبر سيارات كانت تمر في الشارع، ثم تحلقت مجموعة من المشاركين راحوا ينشدون أغنيات الراحل ومنها «لأول مرة ما منكون سوا»، باكورة ألحانه لوالدته فيروز.
ولدى خروج السيارة المخصصة لنقل الجثمان من المستشفى، وبمشاركة خالة الراحل، هدى حداد، وأبناء أعمامه، علا التصفيق على وقع قرع أجراس كنيسة المنطقة، وراح الحاضرون الذين أجهش كثر منهم بالبكاء ينثرون عليها الأزهار والأرُزّ، ويطلقون الزغاريد. ومع أن المتجمعين كانوا متنوعين، غلَب حضور مؤيدي الأحزاب اليسارية. ورفع عدد من المشاركين العلم الفلسطيني، ووضع آخرون على أكتافهم الكوفية، في تحية للراحل الذي كان مناصراً للقضية الفلسطينية.
وبعدها شق موكب التشييع، طريقه بصعوبة، في شارع الحمرا الرئيسي، بمشاركة نائبي «حزب الله» إبراهيم الموسوي وعلي فياض، إضافة إلى عدد كبير من الفنانين ورفاق درب الراحل، فيما احتشد المشيعون على جانبي الطريق، ونثروا الورود على الموكب، لإلقاء النظرة الأخيرة على زياد.
وسار الموكب وسط الحشود، تقدمه دراجو قوى الأمن الداخلي، على طول خط الحمرا، ليتجه بعدها إلى منطقة الصنائع، ومن ثم شارع سبيرز – برج المر، من ثم الأشرفية، لينطلق بعدها باتجاه بلدة المحيدثة في بكفيا، للصلاة عليه في كنيسة رقاد السيدة.
ونعت لجنة مهرجانات بعلبك الدوليّة زياد الرحباني، وقالت في بيان «ستبقى مهرجانات بعلبك الدوليّة شاهدةً على هذه المسيرة، وسيظل إرث زياد ينبض في قلوب الأجيال، وفي كل نغمة تُعزَف تحت أعمدة التاريخ. وداعاً زياد، موسيقاكَ خالدة، وكلماتك أعمق من الغياب».

الواقع اللبناني

كان زياد الرحباني المولود في الأول من يناير 1956، خلال مسيرته التي بدأت في مطلع السبعينات، كاتباً وملحناً وموسيقياً ومسرحياً، أضحك الجمهور كثيراً بنقد ساخر، لكنه حاكى به الواقع اللبناني المرير من الانقسامات الطائفية والعصبيات، ولم ينج من انتقاداته فن والديه التقليدي والفولكلوري.
واشتهر الرحباني بمسرحياته التي أنتجها خلال الحرب الأهلية اللبنانية. ورغم انتمائه السياسي المعلن، حظي بشعبية واسعة في كل فئات الشعب اللبناني.
وفي الجانب الموسيقي، لحّن أغنيات كثيرة، قسم كبير منها لوالدته فيروز، ولغيرها من الفنانين الذين عملوا معه. وأسهم وفق خبراء في «تجديد فيروز وتطوير» أعمالها لمواكبة الزمن اعتباراً من التسعينات.
وشكّل رحيل زياد الرحباني أحد أكثر المواضيع تداولاً على منصات التواصل الاجتماعي في لبنان والعالم العربي في اليومين الماضيين، إذ نشر عشرات المشاهير ومعهم آلاف المستخدمين الآخرين رسائل رثوا فيها الفنان «العبقري». كما جرى التداول على نطاق واسع بمقاطع فيديو من أعماله ومقابلاته.



تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *