قالت إلهام شبانة، واعظة بالأزهر الشريف، إن الإمام الشافعي رضي الله عنه ضرب أروع الأمثلة في قبول الاختلاف، مشيرة إلى مقولته الشهيرة: “ألا يصح أن نبقى إخوانا وإن اختلفنا في مسألة؟”، والتي قالها لأحد العلماء بعد أن اختلف معه وغضب الرجل من هذا الخلاف، فذهب الإمام الشافعي إليه بنفسه ليأخذ بيده ويصالحه بهذه الكلمة العظيمة.
أكدت شبانة، خلال حلقة برنامج “إشراقة”، المذاع على قناة الناس، أن هذه الروح التي جسدها الإمام الشافعي تُعلمنا أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، فليس معنى أن نختلف في فكرة أو رأي أن نخاصم بعضنا أو نقطع علاقتنا، قائلة: “ممكن نختلف وإحنا في بيت واحد، أو أصحاب، أو زملاء في العمل، ومع ذلك نحترم بعض ونحب بعض”.
أضافت أن الإمام الشافعي جاء في زمن بداية الدولة العباسية، حيث شهد المجتمع تحولات كبيرة، وانتشرت أشكال من الشعر الفاضح والفاسد، فاعترض العلماء على هذا الاتجاه وحذروا منه، فيما رفض الشعراء حصرهم في الشعر الديني فقط. ولما كاد الخلاف أن يتطور إلى تكفير، تدخل الإمام الشافعي بحكمة، فتعلم الشعر وأبدع فيه، واخترع لونين جديدين: الشعر الأخلاقي والشعر الاجتماعي، ليقدم بدائل راقية تحل محل الشعر الفاحش.
استشهدت الواعظة بقول الشافعي في الشعر الأخلاقي:
“يخاطبني السفيه بكل قبح … فأكره أن أكون له مجيبًا”،
وقوله في الشعر الاجتماعي:
“نعيب زماننا والعيب فينا … وما لزماننا عيب سوانا”.
أوضحت أن الشافعي بهذا الأسلوب الحكيم استطاع أن يقرب بين العلماء والشعراء، ويدعوهم إلى الرقي بأدبهم وكلماتهم، فاستجابوا، وانتهت الفتنة بين الطرفين.
أكدت أن ديننا دين عظيم يعلمنا قبول الآخر، والحوار الراقي، واحترام الآراء المختلفة دون عصبية أو احتقار، مع الحفاظ في ذات الوقت على هويتنا وثقافتنا العربية والإسلامية، مشددة على أهمية تثقيف النفس وتوسيع المدارك مع التمسك بالدين والقيم.