
يتسع سباق الدول الكبرى للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأحدثت ألمانيا مفاجأة بتأكيدها أن الوقت قد حان للاعتراف، وأن إسرائيل باتت معزولة بسبب فظائعها في قطاع غزة، كما أعلنت كندا والبرتغال نيتها الاعتراف بفلسطين في سبتمبر المقبل، الذي يبدو أنه سيكون شهراً حاسماً، فيما لم تُخفِ واشنطن غضبها وانزاعجها مما يجري، وهددت إدارة الرئيس دونالد ترامب كندا، وأعلنت فرض عقوبات على مسؤولين في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينيتين، بذريعة اتخاذهم خطوات «لتدويل نزاعهما مع إسرائيل»، فيما تتكثف الاتصالات بين الشركاء الغربيين للرد على أي استفزازات أحادية تصدر من تل أبيب.
أعلن وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، أمس الخميس، في بيان قبل التوجه إلى إسرائيل، أن «عملية الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن تبدأ الآن»، مؤكدا أن إسرائيل «تزداد عزلة على الصعيد الدبلوماسي» بسبب الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وفي ظل دفع بعض الدول نحو الاعتراف بدولة فلسطين. وأكد فاديفول موقف برلين من أن «الاعتراف بدولة فلسطينية يجب أن يأتي في نهاية عملية تفاوضية، وأن ألمانيا ستُضطر أيضاً إلى الرد على أي خطوات أحادية».
وتعد ألمانيا من أقرب الحلفاء الدبلوماسيين لإسرائيل، إلا أن فاديفول أشار أنه «في ظل التهديدات العلنية بالضم من جانب بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية، فإن عدداً متزايداً من الدول الأوروبية بات مستعداً للاعتراف بدولة فلسطينية من دون مفاوضات مسبقة»، بينما اتهم وزير الأمن الإسرائيلي والمتطرف إيتمار بن غفير، ألمانيا بأنها «عادت بعد 80 عاماً على الهولوكوست إلى دعم النازيين»، حسب وصفه.
وهذا هو أقوى تحذير من ألمانيا لإسرائيل حتى الآن، ويأتي في وقت تكثف فيه دول غربية جهودها للضغط عليها. وخلال الأيام الماضية أبدت بريطانيا وكندا وفرنسا استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينية على الأراضي التي تحتلها إسرائيل خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في سبتمبر/ أيلول المقبل. ولم تتبق من الدول الغربية الكبرى غير إيطاليا وأستراليا، اللتين يرجح أن تلتحقا بالركب خلال الأسابيع المقبلة.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء البرتغالي لويس مونتينيغرو، أمس الخميس، أن الحكومة تعتزم التشاور مع الرئيس والبرلمان لبحث مسألة الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، خلال سبتمبر المقبل بنيويورك.
وقال المكتب، في بيان رسمي، إن البرتغال تدرس الاعتراف بدولة فلسطين «في إطار إجراء قد يتم بالتزامن مع اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل»، مشيراً إلى أن القرار سيُبنى على مشاورات داخلية مع مؤسسات الدولة.
وفجر أمس الخميس، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن بلاده تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة، وأوضح أن هدفه هو الإبقاء على فرص حل الدولتين.
واعتبر أنّ هذا التحوّل في موقف أوتاوا مدفوع بقناعة «مزمنة» بحلّ الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني المستمر منذ عقود. وحذّر رئيس الوزراء الكندي من أنّ «هذه الإمكانية للتوصل إلى حلّ على أساس دولتين تتلاشى أمام أعيننا». كما أعلنت مالطا أيضاً أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية.
وكانت فرنسا قد سبقت تلك المواقف بإعلان نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال سبتمبر، الأمر الذي يكشف عن توجه دولي متزايد نحو ترسيخ الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة على الساحة الدولية.
وفي تعبير عن انزعاجه الشديد من الحملة الدولية الداعمة للفلسطينيين، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الخميس، إن دعم كندا لدولة فلسطين يجعل التوصل إلى اتفاق تجاري معها «صعباً جداً». وكتب ترامب عبر شبكته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، أمس الخميس، «كندا أعلنت للتوّ أنها تدعم دولة فلسطين.. سيجعل ذلك التوصل إلى اتفاق تجاري معها صعباً جداً».
وبموازاة ذلك، فرضت الولايات المتحدة، أمس الخميس، عقوبات على مسؤولين في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينيتين، متهمة إياهما باتخاذ خطوات «لتدويل نزاعهما مع إسرائيل».
وتشعر واشنطن وتل أبيب بغضب شديد إزاء السباق الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، معتبرتين هذه الخطوات «مكافأة لحركة حماس».
واتهمت واشنطن السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينيتين ب«مواصلة دعم الإرهاب، بما في ذلك من خلال التحريض على العنف وتمجيده»، مشيرة إلى أن العقوبات تتمثل في رفض منح التأشيرات لأعضاء في المنظمة والسلطة.
وأضافت الخارجية الأمريكية «من مصلحتنا الأمنية الوطنية فرض عقوبات ومحاسبة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية على عدم وفائهما بالتزاماتهما وتقويض آفاق السلام».
كما اتهمتهما ب«دعم إجراءات داخل منظمات دولية تقوض وتتناقض مع الالتزامات السابقة».
وتعتبر المنظمة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني على المستوى الدولي، ويهدف فرض عقوبات على أفراد فيها أو في السلطة إلى إضعاف هذه الشرعية أو الحد من القدرة على التمثيل الفعال للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية. (وكالات)