ما جديد مفاجآت الغذاء العالمي؟ هل يمكن أن تغدو الكيمياء في عقد أو نصف قرن، أهمّ مصادر التغذية؟ ماذا لو انخفضت قيمة المقولة: «ويلٌ لأمّة لا تأكل ممّا تزرع»، فصارت: ويل لأمّة لا تأكل من كيميائها الحيوية؟
لقد طال بالعرب انتظار أن تسمع أنظمة التعليم نداء الشبيبة العربية: «أضاعوني وأيّ فتًى أضاعوا.. لخوض معارفٍ وبحارِ علمِ»؟
إلى أن يبعثها الله غمامةً، نقضي الوقت في استعراض الأخبار، من دون جني ثمار.
هل تصدّق أن في الإمكان تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غذاء للبشر؟ هذا ما أنجزه علماء التنّين. حدثٌ سيقلب كل المعادلات. لا يقعنّ الذهن في اللبس، فمنذ زمن بعيد يعرف العلماء أهمية الكربون في التركيب الكيميائي للسكر، غير أنه ليس بالكربون وحده نحصل على السكر. الإنجاز الفريد الذي حققه العلماء الصينيون يتمثل في «نظام التحويل الحيوي» الذي يُستخلص به السكروز (سكر المائدة) من الميثان، المكون الأساسي للغاز الطبيعي. الميثان السامّ القاتل صار في هذا الاكتشاف منقذاً للبشرية من المجاعات، وسيصبح عصا النجاة وباعث الحياة، وإذا سمح أمير الشعراء شوقي بالتصرف في شعره، فسوف نقول: «ومن السموم الناقعات غذاءُ».
ما قام به العلماء هو ابتكار طريقة لتحويل الميثانول إلى سكر أبيض، ما قد يلغي الحاجة إلى زراعة قصب السكر والشمندر، بالتالي يمكن تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غذاء. من العجب الكيميائي أن سكر المائدة سيُستخلص من النفايات الصناعية وثاني أكسيد الكربون، بوساطة استخدام إنزيمات لتحويل الميثانول. علماء «معهد التكنولوجيا الحيوية» في تيانجين، يتحدثون عن «بديل دائم للزراعة التقليدية»! بسيطة: فليكن عدد أساتذة الكيمياء أكثر من عدد المهندسين الزراعيين والفلاحين.
قال القلم: وما العجب في ذلك؟ فالطبيعة منذ الخلية الأولى على سطح الكوكب، وهي مسرح لدعابات كيميائية مساحته خمسمئة مليون كم2 ونيف. من بين كل عناصر جدول مندليف، ثمة ستة أساسية ضرورية لكل الكائنات الحية، من نبات وحيوان: الكربون، والهيدروجين، والنتروجين (الأزوت)، والأكسجين، والفسفور، والكبريت. بهذا السداسي، تلعب الكيمياء ألعابها السحرية، مع نسب ضئيلة من عناصر أخرى. من السماد تبدع الورود التي نهديها إلى الحبيب، بلعبة سداسية أخرى ضمن السماد، تتحفنا بالتفاح، وتكرمنا بعناقيد الكروم، وترطّب مزاجنا بالرطب، ولك في البقية تمرين وتسلية.
لزوم ما يلزم: النتيجة الانتظارية: كل ما ننتظره من شبيبة العالم العربي هو لمسات سحرية. التنّين صنع من الغاز السكر، فاصنعوا أنتم من الميثان القهوة «وزيدوها هيل».
[email protected]