صورة – بورتريه زوجة شاعر

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


كتاب «صورة شخصية لزوجة شاعر» للكاتبة منى قطان، الذى جاء فى قسمين وخاتمة، أقرب إلى جملة طويلة سريعة الإيقاع لا تتوقف رغم تداخل الأزمنة والأمكنة، تمتد لما يقرب من سبعة عقود،

تبدأ من النكبة فى فلسطين 1948 وتمتد حتى صدور الكتاب 2023 للمؤلفة، الطفلة التى نزحت مع أهلها من حيفا بعد النكبة وعمرها أربع سنوات لتستقر فى القاهرة وتتنقل بين العديد من العواصم الأجنبية والعربية مثل القاهرة، لندن، زيوريخ، روما، الخرطوم.

فى البنية العميقة للكتاب الذى يجمع بين الحكى الأقرب إلى السيرة الذاتية والبناء الروائى ممثلاً فى بناء الشخصيات وملامحها المتقنة وسرد الأحداث بضمير الغائب «هى وشاعرها»، يشاهد القارئ التحولات الاجتماعية والسياسية التى مرت بها مصر فى تلك الحقبة، وأيضا تحولات القضية الفلسطينية وذلك من خلال الشخصيات الثرية والمثيرة التى تطرحها الكاتبة مثل الأم «جاكلين خورى»، الصحفية فى جريدة الأهرام القادمة من حيفا، والتى انتهى بها المطاف إلى مصحة للأمراض العقلية ثم الانتحار، والأب صاحب الأطوار الغريبة الذى انفصل عن الأم، واصطحب الطفلة قبل أن تعود لأمها فى سويسرا والسودان!.. الأب المغرم بالعشيقات.. وشخصيات أخرى عديدة جعلت هذا الكتاب أقرب إلى رواية توثيقية، بالإضافة إلى الشخصية التى من المفترض أنها الأساس وهى صلاح جاهين الذى لم يرد اسمه ولو لمرة واحدة، وكانت تشير إليه بـ»شاعرها».. وهكذا مع الشخصيات الأخرى التى حضرت من خلال صفاتها وأفعالها دون أسماء.

يبدو صلاح جاهين كطيف فى زحام الأحداث السياسية والاجتماعية والشخصية للكاتبة لكن بلغة المسرح.. هو القوة الفاعلة التى تحرّك الأحداث، فى كتاب لا تنقصه الجرأة الشديدة، وكتابة اعتمدت على البوح بخفايا النفس دون عوائق أو رقابة، فلا شيء يقف فى وجه الحقيقة، حتى وإن حذفت الأسماء.. وبين الحين والحين يظهر صلاح جاهين، حين تسرد الكاتبة تفاصيل العلاقة بينها وبين الشاعر أو «شاعرها» كما تسميه سواء فى اللقاءات الأولى أو تفاصيل الحياة بينهما والتى يشاهد القارئ من خلالها صورة حية ومجسدة لهذا الشاعر وصولاً إلى ليلة رحيله التى أكدت أنه كان انتحاراً «وشاعرها.. لماذا تركها هو أيضا إثر جرعة دوائية زائدة؟ ألم تكن صحبتهما تحميه؟ فمنذ خمسة أيام استيقظت فوجدته فى مقعده الوثير بحجرة مكتبه، يبدو مستغرقا فى نوم عميق.. حاولت أن توقظه دون جدوى، بدأت تهزه وتدلك جبهته وأنفه بالكولونيا.. لاحظت شريط دواء فارغا فى سلة المهملات».

 

 

 

 

 



‫0 تعليق

اترك تعليقاً