– محليات
تصاعدت موجة الغضب بين أهالي وزوار إزاء المقترح الخاص بإنشاء بوابات إلكترونية ذكية على مداخل المدينة، والذي كشفت عنه مؤخراً. ويعتبر المواطنون أن المشروع، الذي يتضمن فرض رسوم مالية على دخول المدينة، يمثل تقييداً غير مقبول لحريتهم ويحول إلى ما يشبه “السجن”.
وتتمثل فكرة المشروع في تركيب بوابات ذكية عند مداخل ، بهدف تسهيل حركة المرور عبر نظام دخول إلكتروني، مع فرض رسوم مالية “رمزية” على المركبات الداخلة. ويُروج للمشروع على أنه سيحقق إيرادات إضافية للدولة ويقلل من الازدحامات المرورية، خاصة خلال المناسبات الدينية التي تشهدها المدينة.
أهالي ينتفضون
عبّر العديد من سكان الكاظمية عن استيائهم الشديد من فكرة فرض رسوم على دخول مدينتهم، معتبرين أنها تمس بقدسية المكان وطابعه الروحي. يقول الحاج ، وهو من سكان المنطقة القديمة في الكاظمية: “لم نسمع عبر التاريخ أن تم فرض رسوم على دخول مدينة مقدسة. الكاظمية مفتوحة لجميع محبي أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا المشروع يحولها إلى سلعة للمتاجرة بها”.
ويُنظر إلى البوابات الذكية كشكل من أشكال تقييد حرية التنقل، حتى وإن كان الهدف هو تنظيم المرور. يتساءل المواطنون عن مدى سهولة الإجراءات لهذه البوابات، وما إذا كانت ستتسبب في طوابير انتظار طويلة، خاصة في أو المناسبات المليونية، مما قد يزيد من الازدحام بدلاً من تخفيفه.
أما الشباب، فقد عبّروا عن رفضهم للمشروع بحدة أكبر على ، واصفين إياه بأنه “إهانة” و”تقييد لحريتهم”. يقول الشاب علي، وهو طالب جامعي يسكن في الكاظمية: “أنا أخرج من بيتي وأعود إليه يومياً للدراسة والعمل. هل يعني هذا أنني سأدفع رسوماً في كل مرة؟ نحن لسنا سجناء لدفع فواتير الدخول والخروج من مدينتنا”.
بالإضافة إلى الرسوم المباشرة، يخشى الأهالي من التداعيات الاقتصادية غير المباشرة للمشروع. فالعديد من سكان الكاظمية يعتمدون في رزقهم على الزوار القادمين من مختلف أنحاء وخارجه. ويخشون أن تؤدي الرسوم إلى عزوف بعض الزوار، خاصة ذوي الدخل المحدود، مما سيؤثر سلباً على الحركة التجارية في المدينة.
يقول ، وهو صاحب محل لبيع التحف الدينية بالقرب من الصحن : “إذا قلت أعداد الزوار بسبب هذه الرسوم، فمن أين سنعيش؟ الكاظمية مدينة تعتمد على زائريها، وهذا المشروع سيضرنا جميعاً”.
وقد يرى البعض أن تخصيص مدينة الكاظمية ببوابات إلكترونية ورسوم دخول، دون غيرها من المدن، يمكن أن يخلق شعوراً بالتمييز أو العزل لهذه ذات الأهمية الخاصة في قلوب العراقيين.
ويشتكي العديد من المواطنين من أن المشروع تم طرحه دون استشارة كافية للجهات المعنية في المدينة، مثل المجالس المحلية، العتبات ، منظمات ، أو حتى السكان أنفسهم. هذا النقص في الشفافية والمشاركة المجتمعية يزيد من الشكوك حول دوافع المشروع الحقيقية وجدواه.
وبدأت بالفعل دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتنظيم تظاهرات واعتصامات سلمية رفضاً للمشروع، مطالبين أعضاء ومحافظ بالتدخل لوقف هذه الخطوة التي يرونها “مجحفة” بحق أهالي وزوار الكاظمية.
يثير هذا الغضب الشعبي تساؤلات حول أولويات الحكومة المحلية والجهات التي تقف وراء هذا المقترح. ويتساءل المواطنون عن سبب التفكير في فرض رسوم على مدينة دينية بدلاً من البحث عن حلول أخرى لتنظيم المرور وتحسين الخدمات، مثل تطوير البنية التحتية أو تفعيل دور والمرورية بشكل أفضل.
ويأمل المواطنون أن تستمع الجهات الحكومية والبرلمانية إلى صوت الشارع، وأن تُعطي الأولوية لمصلحة المواطن والحفاظ على مكانة الكاظمية كمدينة مقدسة ومفتوحة للجميع، بعيداً عن المشاريع التي قد تتحول إلى أعباء جديدة على كاهلهم.
ويبدو أن مشروع “البوابات الذكية” في الكاظمية قد تحول إلى قضية رأي عام حادة، تنذر بتصعيد الاحتجاجات في حال عدم استماع الجهات المعنية إلى مطالب المواطنين وسحب هذا المقترح الذي يثير حفيظتهم ويشعرهم بالمهانة.