
يُتم اليوم الإيطالي أنطونيو كونتي عامه الـ55، ويحتفل وهو على قمة إيطاليا، كما اعتاد في كثير من الأحيان، لاعبًا ومدربًا.
كونتي كان أسطورة في يوفنتوس لاعبًا، وأحد أهم أسباب عودة البيانكونيري عندما تولى قيادته تدريبيًا، بعد صعود السيدة العجوز من الدرجة الثانية.
العديد من اللحظات السحرية في مسيرة أنطونيو، سواء في الدوري الإيطالي أو الإنجليزي، خاصةً وأنه درّب كبار القوم هُنا وهُناك.
ورغم أن أنطونيو تولى قيادة المنتخب الإيطالي، إلا أنه عاد للأندية من جديد عبر بوابة البلوز، وهو أمر ليس سهلًا على أي مدرب، أن يستمر بنفس الشغف بعد الاتجاه لتدريب المنتخبات.
🇮🇹 Antonio Conte’s acrobatic finish!
Italy started their EURO 2000 campaign in style with a 2-1 win over Turkey.#OTD | @azzurri pic.twitter.com/Mtl2caxhqR— UEFA EURO (@UEFAEURO) June 11, 2020
كونتي يُمهد الطريق لزيدان
في صيف 1996، ورغم الانتقادات لزيدان في منتخب فرنسا ببطولة اليورو، انضم إلى يوفنتوس مقابل 3.5 مليون يورو، في صفقة قياسية من بوردو.
تطوّر زيدان بدنيًا في يوفنتوس، مع المدرب جيان بيرو فينتروني، ولكن مع ليبي عانى عندما كان يلعب في وسط الملعب، وليس مركزه المُحبب كصانع ألعاب، وهو ما جعل الصحف الإيطالية تتحدث عن فشل الصفقة.
زيزو لم يجد نفسه في تشكيل مارشيلو ليبي، حيث كان المدرب الإيطالي يلعب بطريقة 4-3-3، بوجود كونتي وديشامب في الوسط خلف زيزو، وأمامهم بوسكيتش وديل بييرو، بينهما فييري أو أمروسو.
زيزو لم يعتد على اللعب في طريقة 4-3-3، خاصةً وأن ليبي كان يطلب منه أدوارًا دفاعية والعودة للخلف من أجل الحصول على الكرة.
في أكتوبر 1996، أُصيب كونتي مع منتخب إيطاليا في مواجهة جورجيا بتصفيات كأس العالم 1998، إصابة قوية أبعدت لاعب يوفنتوس عن الملاعب لمدة أشهر.
ذلك الأمر أدى لتغيير أدوار زيدان بنفس المركز، ولكن تم تغيير طريقة اللعب بالكامل، ليعتمد ليبي على طريقة 4-4-2، بوجود زيزو خلف ثنائي هجومي، مع تأمين وسط الملعب بالثلاثي ديشامب ودي ليفيو وجوجوفييتش.
كان زيزو يحصل على حرية هجومية في تلك الطريقة، ليتحوّل اللاعب الفرنسي، ويُنهي الموسم بـ17 مساهمة تهديفية، ومع مرور الوقت أصبح زيزو أحد أفضل اللاعبين في العالم، بل كان الأفضل في 1998، وحصل على جائزة الكرة الذهبية، قبل أن يرحل في 2001 إلى ريال مدريد.
كونتي يُعيد يوفنتوس مكروهًا من الجميع
بعد عام من اعتزال كونتي، بدأ مساعدًا لدي كانيو في سيينا، ثم تولى أريزو مرورًا بفريق باري، ثم أتالانتا، ليقود سيينا في 2010-2011.
بعد موسم جيد مع سيينا، قرر يوفنتوس عودة كونتي، الرجل الذي رحل قبل هبوط الفريق للدرجة الثانية بسبب فضيحة “الكالشيو بولي” التي هزّت أرجاء إيطاليا بالكامل.
عندما جاء كونتي، كان يوفنتوس في المركز السابع في الموسم الذي سبقه، ولم يُشارك أوروبيًا، وهو الأمر الذي ساعده في موسمه الأول مع البيانكونيري.
في المؤتمر الصحفي الأول له مع يوفنتوس، قال كونتي: “سأعيد يوفنتوس من جديد مكروهًا من الجميع، عندما نسيطر على كل شيء”.
بصفقات مجانية، مع بناء ملعب جديد، ومزيج من عناصر الخبرة والشباب، كان كونتي قائد أوركسترا يوفنتوس، وأعاد لقب الدوري إلى البطل التاريخي للكالشيو.
لم يتوقف كونتي هُنا، فبعد الفوز بالدوري دون هزيمة في 2011-2012، توّج بالدوري في الموسم التالي، ليأتي موسم 2013-2014 التاريخي.
La Coppa e Conte al J-Museum Il mister ha portato il trofeo dello scudetto al museo bianconero pic.twitter.com/XJNe4Nc1YA— JuventusFC (@juventusfc) May 30, 2014
ذلك الموسم الذي حقق فيه يوفنتوس 104 نقاط، قبل أن يرحل كونتي بسبب خلافات مع إدارة النادي بشأن الصفقات والتدعيمات، لكنه ترك إرثًا لأليجري الذي جاء ليُطوّر الفريق أوروبيًا.
“عندما تمتلك 10 يورو، لا يمكنك أن تذهب للأكل في مطعم الوجبة فيه ستكلفك 100 يورو”
ذلك التصريح، أطلقه كونتي قبل شهر من رحيله المفاجئ عن يوفنتوس، ردًا على الاختلاف مع الإدارة بشأن تدعيمات الفريق، ليرحل أنطونيو بسبب الخلاف.
نظفوا أفواهكم قبل الحديث عن إيطاليا
رحل كونتي عن يوفنتوس، ليتعاقد معه المنتخب الإيطالي في 2014، خلفًا لـتشيزاري برانديلي، بعد الفضيحة والخروج من كوستاريكا في دور المجموعات بمونديال البرازيل.
كونتي قاد المنتخب الإيطالي ليورو 2016، وعندما بدأت البطولة، كانت قائمة الأزوري ضعيفة على مستوى الأسماء، بها العديد من اللاعبين الكبار في السن، مع استبعاد لاعب مثل أندريا بيرلو، وإصابة ماركو فيراتي.
راهن كونتي على طريقة لعب 3-5-2، ورغم أن الجميع كان يتوقع صعوبة مواجهة بلجيكا، لكن أنطونيو فاز بطريقته الخاصة، الكرة الطويلة التي وضعها في كتابه، ونفذها ليوناردو بونوتشي.
🇮🇹 Giaccherini & Pelle scored when Italy beat Belgium 2-0 at EURO 2016! 👊
Who’ll come out on top tonight? 🤔#EURO2020 pic.twitter.com/iOXHpyUCva— UEFA EURO (@UEFAEURO) July 2, 2021
تأهلت إيطاليا بعد الفوز على السويد، لتظهر لافتة في المدرجات، كُتب عليها: “نظفوا أفواهكم قبل الحديث عن إيطاليا”، بها احتفال بونوتشي الشهير الذي يُشير إلى فمه.
قبل البطولة، واجه كونتي انتقادات بسبب اختياراته، لكنه أطاح بالمنتخب الإسباني، بطل النسخة السابقة، الذي دكّ إيطاليا برانديلي برباعية في 2012.
كونتي تمكن من إقصاء إسبانيا بالمرتدات، كما جرت العادة للمدرب الإيطالي، ولكنه خسر بركلات الترجيح ضد ألمانيا في ربع النهائي.
فلتسقط مواقع المُراهنات أمام رهان كونتي
عندما وصل أنطونيو كونتي إلى تشيلسي، كان الفريق اللندني في المركز العاشر خلال دوري معجزة ليستر سيتي، وبعد رحيل جوزيه مورينيو، كانت الأمور غير مستقرة في البلوز.
كانت البداية سيئة، وبدأت مكاتب المراهنات تراهن على إقالة المدرب الإيطالي قبل نهاية الدور الأول، لأن رومان أبراموفيتش لن يصبر على أنطونيو.
جاء ذلك بعد الهزيمة من ليفربول وأرسنال تواليًا. ومن هنا بدأ كونتي الرهان بالاعتماد على طريقته بثلاثة مدافعين، وقدم نسخة مرعبة للبلوز.
We’ll be hearing from Antonio Conte shortly. Updates to come here, but you can also catch Chelsea TV’s post-match show live on our Facebook page! 👍 #CHELIV pic.twitter.com/lV92vA2PiZ— Chelsea FC (@ChelseaFC) May 6, 2018
موسيس على اليمين، وماركوس ألونسو على اليسار، وفي وسط الملعب ماتيتش وكانتي يمنحان هازارد الحرية، مع بيدرو خلف دييجو كوستا.
ثلاثي الدفاع ما بين تيري وكاهيل وديفيد لويز، وكذلك أزبيلكويتا، وبتواجد برانيسلاف إيفانوفيتش، وجد أنطونيو كونتي عمقًا في تشكيل الفريق.
تفوّق أنطونيو كونتي في هذا الموسم على يورجن كلوب من ليفربول، ورحّب ببيب جوارديولا في الدوري الإنجليزي الممتاز، وكان أحد هؤلاء الذين قهروا بيب، الذي من الصعب أن يتخلى عن لقب الدوري.
جوزيه مورينيو في مباراة تشيلسي ومانشستر يونايتد بملعب ستامفورد بريدج، ذهب لكونتي ودخل في نقاش حاد معه، بعد المباراة أكدت التقارير بأن البرتغالي كان يشعر بالاستفزاز من احتفالات أنطونيو وقال له: “يجب عليك أن تحترمني، ما تفعله وفريقك يسجل الهدف الرابع يُعتبر إهانة لنا، يمكنك أن تفعل ذلك وفريقك فائز بهدف مثلًا”.
Revealed: What went down between Jose Mourinho and Antonio Conte 👀 #CHEMUN pic.twitter.com/bDjLCMS0RC— B/R Football (@brfootball) October 23, 2016
أنطونيو كونتي حصد الدوري الإنجليزي بفارق 11 نقطة عن أقرب منافسيه، توتنهام صاحب المركز الثاني، ولكن في 2018 رحل الإيطالي بسبب النتائج الأوروبية، ومشاكل مع بعض اللاعبين، أبرزهم دييجو كوستا.
أسطورة يوفنتوس في أرض العدو
لم يكن من السهل أن يتولى مدرب ينتمي ليوفنتوس الإدارة الفنية لفريق إنتر ميلان، لكن فعلها أنطونيو كونتي في الوقت الذي كان فيه ساري مديرًا فنيًا لليوفي.
يوفنتوس حينها ارتبط بعودة كونتي لخلافة أليجري، لكنه فضّل التعاقد مع ساري، الذي في الأساس كان قد خلف أنطونيو كونتي في تشيلسي.
في موسمه الأول مع إنتر ميلان، لم يتمكن كونتي من التتويج بالدوري، لكن ذلك الموسم شهد آخر الألقاب لهيمنة يوفنتوس التي بدأها هو في 2012.

في الموسم التالي، 2020-2021، توّج كونتي ببطولة الدوري الإيطالي، لأنه اعتاد على ذلك، الخروج من أوروبا والتفكير أكثر في الكالشيو، كان يعطيه الأفضلية على البقية.
بـ91 نقطة، وبفارق 12 نقطة عن المركز الثاني، توّج إنتر مع كونتي ببطولة الدوري لأول مرة منذ 11 عامًا، ليُعيد أسطورة يوفنتوس أمجاد النيرازوري، وسط مشاكل بينه وبين رئيس البيانكونيري أندريا أنييلي، وإهانات متبادلة بين الطرفين، في مباراة الفريقين في الكأس.
رحل أنطونيو كونتي عن إنتر ميلان، مشاكل متكررة مثل التي حدثت في يوفنتوس، عندما باع النادي روميلو لوكاكو وأشرف حكيمي، ليجد المدرب الإيطالي نفسه داخل نفس المحل، الذي لم يستطع تناول فيه وجبة الـ100 يورو.
معجزة الجنوب تُنهي تجربة لندن الكارثية
في نوفمبر 2021، تولى أنطونيو كونتي قيادة توتنهام، ولكن حتى مايو 2023 لم يكن قادرًا مع هذا الفريق على الفوز بالدوري، خاصةً وأن طموحات السبيرز مختلفة.
الإصابات العديدة التي تعرض لها نجوم الفريق في مراحل حاسمة من الموسم، ساهمت في المعاناة، وبطبيعة الحال، ظل كونتي أوروبيًا يعاني، وبالتالي تمت إقالته.

ذهب كونتي في بداية الموسم الماضي إلى نابولي، لفريق مستقبله ضبابي، يرحل عنه 3 مدربين في موسم واحد، يغادر نجمه الأول أوسيمين، وفي نصف الموسم يتخلى عن كفاراتسخيليا.
وصل أنطونيو كونتي وأحكم سيطرته، جلب لوكاكو الذي يُحبه، تعاقد مع جليمور الذي شهد ظهوره الأول مع تشيلسي، وأنقذ ماكتوميناي من جحيم مانشستر يونايتد.
مع توالي الضربات وخروج أوليفيرا وسبينازولا من المشهد بسبب الإصابة، وجد نابولي نفسه بلا ظهير أيسر حقيقي، ومعه تغيّرت ملامح الفريق بالكامل. لم يعد ذلك الفريق الذي ترك بصمته مع سباليتي، فقد رحل معظم نجوم الحقبة السابقة، تاركين وراءهم فراغًا لم يبدُ أن أحدًا قادر على ملئه… حتى جاء أنطونيو كونتي.
الرجل الذي لا يعرف المستحيل، دخل مدينة الجنوب بروح المحارب، وبنظرة لا تعرف الرحمة، فبعث الحياة في أوصال فريق كان يبدو أنه على وشك السقوط.

فجّر طاقات لاعبين مثل سكوت ماكتوميناي، الذي كان نجم الموسم بلا منازع، ومعه أنجويزا، الذي كان الظلّ الصامت خلف العاصفة الزرقاء في ملعب دييجو أرماندو مارادونا.
كونتي لم يلجأ إلى خططه الكلاسيكية، لم يعتمد ثلاثيًا في الدفاع، ولم يحتج إلى كثافة هجومية تقليدية، أعاد روميلو لوكاكو إلى الواجهة، المهاجم الذي لطالما آمن به منذ أيام المجد في إنتر.
ورغم أن تشكيلته لم تضاهِ إنتر جودة، ولا ميلان أو يوفنتوس ثقلًا، إلا أن كونتي صنع المعجزة… وأعاد نابولي إلى قمة المجد، بطلًا للدوري في موسم لا يُنسى، موسم حمل توقيعه وحده.
ماذا يتمنى كونتي في عامه الـ55؟
مع نهاية الموسم الماضي، ارتبط أنطونيو كونتي بالعودة إلى يوفنتوس، ولكنه قرر الاستمرار مع نابولي، بعدما حصل على وعود من الرئيس أوريليو دي لورينتيس بتدعيمات.
الـ100 يورو التي بحث عنها كونتي ربما يجدها في نابولي، خاصةً وأن الفريق أنعش خزائنه بـ75 مليون يورو في يناير بعد رحيل كفاراتسخيليا، وكذلك المشاركة في أوروبا.
ولكن هذا ما يتمناه كونتي عندما يحين موعد إطفاء شمعة الـ55، سيبدأ عامه الـ56 بأمنية الظهور الأوروبي، لأن هذا ما ينقص المقاتل الإيطالي.
لم ينجح كونتي في أوروبا مع أي فريق، فشل في يوفنتوس، وبمجرد رحيله، جاء أليجري في 2014، وبنفس الفريق تقريبًا وصل إلى نهائي الأبطال مرتين في 2015 و2017.

في تشيلسي، بعد رحيله، جاء توماس توخيل وقاد الفريق للمجد، وحقق لقب دوري الأبطال 2021، حتى مع إنتر ميلان، ترك فريقًا، لم يدعمه إنزاجي كثيرًا، ولكن وصل معه إلى النهائي مرتين، 2023 و2025.
أنطونيو كونتي بحاجة إلى التطور أوروبيًا، ومعرفة كيفية المنافسة على الدوري والأبطال في نفس الوقت، لأنه حتى الآن لا يمكن أبدًا القول بأنه نجح في ذلك الأمر.