نال صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، يوم الخميس، وبحضور سموّ الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، رئيس جامعة الشارقة، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الجامعة الأمريكية في الشارقة، وسام الرئيس الفخري لجامعة إكستر الذي تقدمه الجامعة لأول مرة في تاريخها.
جاء ذلك خلال زيارة صاحب السموّ حاكم الشارقة إلى جامعة إكستر تخللها تسلم سموّه الوسام من السير مايكل باربر، الرئيس الفخري لجامعة إكستر، وإزاحة الستار عن مشروع مبنى القاسمي الذي سيتم تشييده في الجامعة بمبادرة من سموّه، وإزاحة الستار عن ركن مؤلفات سموّه في مكتبة معهد الدراسات العربية والإسلامية، وتوقيع اتفاقية تعاون بين مجلس الشارقة للتعليم العالي والبحث العلمي وجامعة إكستر.
إسهامات متميزة
ويأتي منح صاحب السموّ حاكم الشارقة وسام الرئيس الفخري لجامعة إكستر تكريماً لإسهامات سموّه المتميزة في التعليم والبحث العلمي، إضافة إلى علاقة سموّه المتميزة مع جامعة إكستر، كما يعتبر سموّه رائداً في التنمية الثقافية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية، ولعب دوراً مهماً في تعزيز التفاعل الثقافي والحوار بين الدول والحضارات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وقال سموّه خلال كلمته في حفل التكريم الذي أقيم في قاعة ريد بجامعة إكستر: يسعدني كثيراً أن أعود اليوم إلى جامعة إكستر، هذه المؤسسة المرموقة التي احتضنتني كطالب قبل أكثر من أربعين عاماً، والتي ظلت منذ ذلك الحين متجذرة بعمق في رحلتي الأكاديمية وذاكرتي.
وعبّر سموّه عن امتنانه على التعاون الوثيق والمثمر مع جامعة إكستر على مدى العقود الماضية قائلاً سموّه: أقف أمامكم بامتنان عميق للطريق المثمر الذي سرناه معاً، ذلك الطريق الذي جمعنا في المعرفة والشراكة والأهداف المشتركة، وأشعر بفخر خاص تجاه التعاون الدائم الذي استمر بين جامعة إكستر وإمارة الشارقة على مدى العقود الأربعة الماضية، ولم يقتصر هذا التعاون على صموده أمام اختبار الزمن فحسب، بل تطوّر أيضاً ليصبح نموذجاً للتميز الأكاديمي، وفي طليعة هذا الإنجاز يقف معهد الدراسات العربية والإسلامية، وهو مركز متميز يحتضن وحدة وثائق العالم العربي، والمجموعة الإماراتية، واللتان تمثلان معاً إسهاماً حيوياً في حفظ ودراسة تراثنا الثقافي.
شراكات أكاديمية ناجحة
وأشار صاحب السموّ حاكم الشارقة إلى الشراكات الأكاديمية مع جامعة إكستر قائلاً: على مرّ السنين، أدى هذا التعاون بيننا إلى تطوير العديد من الشراكات الأكاديمية الناجحة عبر الجامعات في إمارة الشارقة، ففي جامعة خورفكان يُسهم برنامج العلوم البحرية المشترك مع جامعة إكستر في تطوير دراسات النظم البيئية الساحلية والبحرية، وفي جامعة الذيد هناك تعاون في مجال الجيولوجيا وعلوم البيئة، والتي تسهم في تشكيل أساس أكاديمي قوي في دراسات علوم الأرض لطلبة الجامعة، وفي الوقت نفسه، قدمت أكاديمية الشارقة للتعليم برامج مبتكرة في مجال الاحتياجات التعليمية الخاصة، مستفيدة من الخبرة الأكاديمية الطويلة لجامعة إكستر وتجربتها العريقة في التعليم الشامل.
وأوضح سموّه أن هذه المبادرات تعكس الرؤية المشتركة للاستثمار في الإنسان والمعرفة، وهي رؤية تواصل التوسّع، والدليل على ذلك هو مشروع مبنى القاسمي في معهد الدراسات العربية والإسلامية بالجامعة، الذي أزيح الستار عنه اليوم ليعكس الالتزام المشترك ببناء بيئات أكاديمية مُلهمة للأجيال القادمة.
واختتم سموّه كلمته بتوجيه الشكر والتقدير إلى قيادة جامعة إكستر وأعضاء الهيئة التدريسية والشركاء فيها على تكريمه الخاص، وعلى تفانيهم المستمر في خدمة التعليم والبحث والتعاون العالمي، داعياً إلى مواصلة بناء جسور الفهم والاكتشاف والتقدم معاً.
دعم لا محدود
وأشادت الدكتورة ليزا روبرتس، رئيسة جامعة إكستر في كلمتها خلال الحفل برؤية صاحب السموّ حاكم الشارقة وقيادته ودعمه اللامحدود للتعليم، لافتةً إلى امتداد تأثير سموّه في المرافق التعليمية التي أسهم في إنشائها، والشراكات التي عززها مع الجامعة، وإلهامه للكثير من العلماء والطلاب.
وتناولت روبرتس في كلمتها التأثير الإيجابي الكبير للتعليم وأثره في الارتقاء بالمجتمعات على مختلف المستويات، وضرورة بذل الجهود من أجل إنشاء وتطوير مناهج التعليم وتوفيرها وفق أعلى المواصفات وأرقى الأساليب العلمية والاهتمام بالبحث العلمي، إلى جانب التعاون والتواصل الدولي، وهو نموذج العمل الذي أرساه صاحب السموّ حاكم الشارقة في كافة جامعات ومؤسسات التعليم العالي في إمارة الشارقة التي تقدم مثالاً عملياً على ذلك.
واستعرضت رئيسة جامعة إكستر العلاقات التاريخية التي تربط صاحب السموّ حاكم الشارقة بالجامعة منذ ثمانينات القرن الماضي، والتي أثمرت برامج ومشروعات علمية متميزة ظهرت ثمارها في التعاون الكبير بين جامعات إمارة الشارقة التي أنشأها ورعاها سموّه، وبين جامعة إكستر التي تفخر كثيراً بهذه العلاقات المثمرة والطموحة وتتطلع إلى تطويرها في المستقبل.
وألقت مارثا هولدن، خريجة معهد الدراسات العربية والإسلامية، كلمة بالنيابة عن طلبة وخريجي المعهد، قالت فيها: أحب أن أعبر عن خالص شكري وتقديري إلى صاحب السموّ حاكم الشارقة على دعمكم الكريم الذي كان له أثر كبير في مسيرتي التعليمية، لولا دعم سموّكم لما كانت لي الفرصة أن أسافر، وأتعرف إلى ثقافات مختلفة، وأتعلم عن الدين وأفهم الفروق البسيطة بين اللهجات، كل تلك التجارب فتحت لي آفاقاً جديدة، وساعدتني على التعمق أكثر في اللغة العربية.
وأضافت: «تجربتي في الجامعة كانت ملهمة وجعلتني أواصل اهتمامي باللغة العربية بشكل أكبر حتى بعد التخرج، وبإذن الله أستطيع أن أسهم بكل ما تعلمته وأن أفيد غيري، كل ما ذكرته يمثل قصة واحدة من كثير من التجارب التي مرّ بها طلاب جامعة إكستر، وكلها تجمعها نقطة مشتركة وهي وجود سموّكم الكريم ودعمكم المستمر لنا».
علاقة وطيدة
وتخلل حفل التكريم عرض فني قدمته مجموعة من طلبة جامعة إكستر، ومادة مرئية تناولت العلاقة الوطيدة بين صاحب السموّ حاكم الشارقة وجامعة إكستر منذ دراسته فيها وتخرجه منها في عام 1985، واستمرار التفاعل العلمي والأكاديمي والشراكات مع الجامعة حتى اليوم الذي يشهد منح سموّه وسام الرئيس الفخري لجامعة إكستر.
كما تسلم سموّه هدية تذكارية قدمتها المستشارة آن جوبسون عمدة مدينة إكستر تقديراً لزيارة سموّه ودعمه المستمر لجامعة إكستر.
وأزاح صاحب السموّ حاكم الشارقة خلال زيارته الستار عن مشروع مبنى القاسمي الذي سينشئ بمبادرة كريمة من سموّه ليقام في معهد الدراسات العربية والإسلامية الذي سبق أن بادر سموّه بإنشائه في جامعة إكستر عام 2001 دعماً الباحثين والطلبة ولتوفير مصادر العلم والوثائق التاريخية والمراجع في معهد متخصص للدراسات العربية والإسلامية يمكنهم من إجراء الدراسات وتوثيقها.
وتعرف سموّه والحضور خلال عدة عروض مرئية على تفاصيل مشروع مبنى القاسمي، تضمنت الرؤية البصرية المعمارية للمبنى، والتي تقوم على أن يمثل المبنى ملتقى علمياً مميزاً للطلبة والدارسين ويعكس الحضارة والإنتاج العلمي العربي والإسلامي، ويقوم على شكل هندسي بديع يشكل إضافة حقيقية للجامعة، وتتوزع فيه المساحات الخضراء بعناية، وكذلك الأماكن التي توفّر ملتقيات للنقاش والتواصل بين رواد المبنى، كما شملت العروض مرافق المبنى المكون من قاعات وفصول وحدائق ومكاتب وأماكن الدراسة، والخدمات التي ستقدم للزوار والقراء والباحثين.
أبرز النتائج العلمية للأبحاث
كما شملت العروض التعريف بأبرز النتائج العلمية للأبحاث التي أجريت بدعم من معهد الدراسات العربية والإسلامية وبالمشاركة مع الجهات في عدد من الدول، وذلك ضمن التعاون العلمي في الدراسات العلمية المختلفة؛ مثل الآثار والوجود الإنساني وغيرها.
كما أزاح صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي خلال زيارته لمكتبة معهد الدراسات العربية والإسلامية، الستار عن ركن مؤلفات سموّه في المكتبة؛ حيث يضم الركن مجموعة كاملة من مؤلفاته التي أهداها إلى جامعة إكستر، إضافة إلى نسخة فاخرة من المعجم التاريخي للغة العربية.
وتنوعت مؤلفات صاحب السموّ حاكم الشارقة، حيث بلغ عددها 118 مؤلفاً في مختلف حقول المعرفة، وفي كل مؤلف تنعكس رؤية ثاقبة وفكر مستنير، تدلل على عمق ثقافته ورسوخ إيمانه، كما ترجمت مؤلفات سموّه إلى أكثر من 20 لغة أجنبية حية، وهي: الإنجليزية، الفرنسية، الصينية، الإيطالية، الهندية، الروسية، الإسبانية، الألمانية، البرتغالية، المالايالم، المارتية، الأوردو، البنغالية، البولندية، الهولندية، الرومانية، الفارسية، التركية، الصومالية.
وتتميز مؤلفات سموّه بالعمق البحثي والدقة الأكاديمية، كما أنها تعكس اهتمامه الكبير بتاريخ الخليج العربي، لاسيما الشارقة والخليج في العصر الحديث، ويستند سموّه في التحقيق العلمي إلى الوثائق الأصلية المحفوظة في الأرشيفات العالمية.
وتُعد مؤلفات صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، نتاجاً لمسيرة فكرية وتاريخية طويلة، بدأت منذ ثمانينات القرن الماضي، حين شعر سموّه بالحاجة إلى تصحيح الروايات المغلوطة التي نشرتها القوى الاستعمارية، وأدت إلى تشويه تاريخ الخليج العربي، فكان كتابه الأول «أسطورة القرصنة في الخليج» عام 1985 بداية الانطلاقة لمشروع توثيقي شامل يستند إلى الوثائق الأصلية من الأرشيفات البريطانية والعثمانية والفرنسية، ومع مرور السنوات، توسعت مؤلفاته لتشمل جوانب متعددة من تاريخ الخليج.
كما كتب سموّه سيرته الذاتية في عمل سردي بعنوان «سرد الذات»، بأسلوب يجمع بين التوثيق الشخصي والرؤية الوطنية، بينما نقل التاريخ إلى المسرح من خلال أكثر من عشرين مسرحية تعكس قضايا العرب وهويتهم الحضارية، وقد تطورت مؤلفاته مع الزمن من الردود التاريخية إلى الأعمال الأكاديمية والمسرحية، لتشكل في مجملها مشروعاً ثقافياً متكاملاً يجمع بين الحاكم المؤرخ والمفكر المبدع.
واطلع سموّه خلال زيارة المكتبة على مجموعة من الوثائق والكتب والمصادر التاريخية المهمة والقيمة التي تحويها المكتبة ومن بينها الأطروحة التي قدمها سموّه في عام 1985 لنيل درجة الدكتوراه في الفلسفة في التاريخ من جامعة إكستر بتقدير امتياز، والتي حملت عنوان «خرافة القرصنة العربية في الخليج العربي ما بين 1797م و1820م».
وفي مبنى النورث كوت بالجامعة وقع صاحب السموّ حاكم الشارقة رئيس مجلس الشارقة للتعليم العالي والبحث العلمي، والدكتورة ليزا روبرتس رئيسة جامعة إكستر اتفاقية تعاون بين المجلس والجامعة لتنفيذ برنامج لتدريب القيادات في مؤسسات التعليم العالي بعنوان: «البوصلة القيادية: رسم مستقبل الحوكمة المسؤولة في الجامعات»، وهو برنامج تدريبي متقدم وطموح للتحول في التعليم التنفيذي، صُمّم بشكل خاص لمجلس الشارقة للتعليم العالي والبحث العلمي.
ويتماشى محتوى البرنامج مع خمسة أهداف رئيسية تتوافق مع أهداف مجلس الشارقة للتعليم العالي والبحث العلمي؛ وهي:
1. تطوير القدرات القيادية الاستراتيجية، من خلال تزويد قادة الجامعات بالمهارات والرؤى اللازمة للقيادة بشجاعة ووضوح في مشهد التعليم العالي المتغير بسرعة.
2. تعزيز الحوكمة المؤسسية، من خلال تشجيع الإدارة المسؤولة للموارد، واتخاذ القرار بشفافية، ومواءمة العمليات مع رسالة المؤسسة وقيمها.
3. تعزيز ثقافة الشمولية والتميز، من خلال دعم تطوير بيئات أكاديمية شاملة قائمة على القيم، تضع رفاهية الموظفين ونجاح الطلبة ونزاهة البحث العلمي في مقدمة الأولويات.
4. تعزيز مشاركة أصحاب المصلحة وتأثيرهم، وبناء القدرات اللازمة للتفاعل الفعّال مع أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين، وتعزيز المسؤوليات المدنية والاجتماعية والعالمية للجامعة.
5. تشجيع الممارسة التأملية والتعاونية، من خلال خلق مساحة للتعلم بين الأقران، والتأمل النقدي، والحوار بين المؤسسات، بهدف إلهام الابتكار والقيادة المشتركة.
وجرى على هامش توقيع الاتفاقية بحث عدد من مجالات التعاون والاهتمام المشترك في الشأن التعليمي والأكاديمي، وبحث النتائج المحققة من تعاون مؤسسات التعليم العالي في إمارة الشارقة مع جامعة إكستر.
حضر حفل التكريم بجانب صاحب السموّ حاكم الشارقة كل من: منصور بالهول الفلاسي سفير الدولة لدى المملكة المتحدة، والشيخ خالد بن سعود القاسمي نائب سفير الدولة لدى المملكة المتحدة، وعبدالله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة، والدكتور خليفة مصبح الطنيجي رئيس دائرة الزراعة والثروة الحيوانية، والدكتور منصور محمد بن نصار رئيس الدائرة القانونية لحكومة الشارقة، وأحمد بن ركاض العامري الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب، والدكتورة محدثة الهاشمي رئيسة أكاديمية الشارقة للتعليم، وعدد من مسؤولي الجهات الحكومية ومؤسسات التعليم العالي في إمارة الشارقة.
كما حضره من الجانب البريطاني كل من: اللورد ديفيد فيرسدن ممثل صاحب الجلالة في مقاطعة ديفون، والمستشارة آن جوبسون عمدة مدينة إكستر، والسير مايكل باربر، الرئيس الفخري لجامعة إكستر، والدكتورة ليزا روبرتس رئيسة جامعة إكستر، وعدد من مسؤولي جامعة إكستر.