تنقل الكتب | حسن مدن

تنقل الكتب | حسن مدن


د.حسن مدن

هل خطر في بال أحدنا أن هناك تعريفاً علمياً للكتاب معتمداً من المنظمة الدولية المعنيّة بالثقافة والعلوم، منظمة «اليونيسكو»؟ معلومة فوجئت بها حين قرأتها في مقال ذي صلة بالموضوع. يقول التعريف: «الكتاب منشور مطبوع، غير دوري، موجه للعموم، ويحوي 49 صفحة على الأقل دون احتساب صفحتي الغلاف». بعض ما انطوى عليه التعريف معروف، كأن يشترط في الكتاب أن يكون مطبوعاً، وإلا عُدّ مخطوطاً حتى لو كان كاتبه قد أكمل كتابته، وأنه موجه للعموم، فلا يقتصر توزيعه على دائرة مغلقة من القرّاء، لا يجوز لمن هم خارجها أن يطلعوا عليه. مع ذلك، فوجئت بوجود هذا التعريف، أو فلنقل التحديد، ويستوقفنا أكثر تحديد عدد الصفحات المكوّنة للكتاب، فإن نقص العدد عن ذلك لن يعدّ «الكتاب» كتاباً، رغم أني حرت في سبب تحديد الرقم 49 بالذات كحدٍ أدنى لعدد صفحات أي كتاب.
قرأتُ التعريف في مقال مترجم عن الفرنسية على ما يبدو، نُشر، قبل نحو عامين، في أحد أعداد مجلة «الثقافة العالمية» الصادرة بدولة الكويت، وعنوانه «الكتب تسافر على نحو متزايد»، لكاتب اسمه فرانسواز ليفيك، وترجمه إلى العربية حافظ إدوخراز. ويلفتنا في تعريف المجلة بكاتب المقال إشارتها إلى أنّه أستاذ اقتصاد في مدرسة المعادن بباريس، فلم تقدّمه أديباً أو ناقداً، ومع ذلك فإنه يعالج في مقاله موضوعاً ثقافياً بامتياز.
مُحقّاً، أبدى كاتب المقال تحفظه على تعريف «اليونيسكو» للكتاب، كونه لا يغطي ظاهرة الكتاب الرقمي الذي أصبح موازياً للكتاب الورقي، وبات مقروءاً، بدوره، من كتلة واسعة من القراء، خاصة من فئة الشباب، ورغم رجحان الكفة، حتى اليوم، لصالح الكتاب الورقي، فإنّه لا يمكن إغفال ما بات للكتاب الرقمي من مكانة.
هناك معطيات تقدّر عدد الكتب المنشورة بمئة مليون كتاب، وفق تعداد قامت به شركة «غوغل»، فيما يُقدّر عدد العناوين الصادرة سنوياً على المستوى العالمي بنحو مليون كتاب، وفق إحصائية أخرى قامت بها هذه المرّة موسوعة «ويكبيديا» التي خلصت إلى أن الرقم يبلغ الضعف حين تدرج العناوين التي صدرت سابقاً وجرت إعادة طباعتها. وثمة معلومة لافتة تقدّر رقم المبيعات من الكتب سنوياً بنحو مليار دولار، متجاوزة في ذلك مبيعات الموسيقى وألعاب الفيديو.
الكتب تهاجر أكثر ما يفعل البشر بمرات عديدة، والفضل في ذلك يعود إلى الترجمة، ووفق تقديرات «اليونيسكو»، فإن عدد الترجمات الجديدة كل سنة قد تضاعف أكثر من مرة بين عامي 1979 و2007.
يحقّ لنا وصف ذلك ب«عولمة حميدة»، لكن السؤال الأهمّ: أين نحن العرب من هذه العولمة الحميدة؟ كم كتاب يترجم سنوياً إلى لغتنا من اللغات الأخرى، ومن لغتنا إلى هذه اللغات؟

[email protected]



تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *