بكين – أ ف ب
أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الخميس، أنّ كيفية تفاعل الصين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باتت «عاملاً حاسماً» في العلاقات بين بروكسل وبكين، خلال لقاء بين قادة الاتحاد الأوروبي والرئيس الصيني شي جينبينغ في بكين.
وجاء ذلك بينما رأى شي أنّ على بكين وبروكسل أن تعززا التواصل والثقة المتبادلة بينهما.
من جانبها، قالت فون دير لاين، إنّ «كيفية استمرار الصين في التفاعل مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ستكون عاملاً حاسماً في علاقاتنا في المستقبل»، داعية إلى «حلول حقيقية» للعلاقات الثنائية التي وصلت إلى «نقطة مفصلية».
وتسعى الصين في الأشهر الأخيرة إلى توطيد علاقاتها الأوروبية، فتقدم نفسها على أنها شريك موثوق أكثر من الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، وقوة استقرار في عالم يشهد اضطرابات.
لكن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا حضرا مع قائمة طويلة من النقاط الخلافية.
ومن أبرز هذه الخلافات، الاختلال الكبير في الميزان التجاري لصالح الصين، والمخاوف من إغراق السوق الأوروبية بمنتجات صينية رخيصة الثمن وتحظى بدعم حكومي، والتقارب بين بكين وموسكو الذي يثير مخاوف في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقال شي خلال اللقاء الذي عقد في قصر الشعب في قلب بكين: «كلما ازداد الوضع الدولي خطورة وتعقيداً، تحتم على القادة الصينيين والأوروبيين تكثيف التواصل وتعزيز الثقة المتبادلة وتعميق التعاون».
وأضاف أنه إزاء «انعدام الاستقرار» في العالم، «على القادة الصينيين والأوروبيين مرة جديدة إظهار بُعد النظر والالتزام، واتخاذ الخيار الاستراتيجي الصائب الذي يلبّي تطلّعات الشعب ويصمد أمام اختبار التاريخ».
وشدد شي على أن «الصين ليست مصدر التحديات الحالية التي تواجهها أوروبا»، على ما أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية.
وأضاف: «لا تضارب مصالح بين الصين والاتحاد الأوروبي، ولا خلافات جيوسياسية أساسية».
– «تقدم ملموس»
في المقابل، أكدت فون دير لاين، أنه «من الأساسي أن تعترف كل من الصين وأوروبا بمخاوف الطرف الآخر وأن تعرضا حلولاً ملموسة».
وحذرت من أن العلاقات وصلت إلى «نقطة مفصلية»، مشددة على أنه «مع تعمق تعاوننا تعمقت الاختلالات. من الأساسي إعادة التوازن إلى علاقاتنا الثنائية».
من جهته، قال كوستا لشي، إن الاتحاد الأوروبي يود رؤية «تقدم ملموس في المسائل المتعلقة بالتجارة والاقتصاد»، مضيفاً: «كلانا يرغب أن تعود العلاقة بالفائدة المتبادلة».
كذلك، أعرب عن «مخاوف» الأوروبيين بشأن «حماية حقوق الإنسان»، التي تشكل «ركيزة أساسية لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع الدول الأخرى، بما في ذلك الصين».
وخلال اجتماع منفصل الخميس، قال رئيس الوزراء لي شيانغ لفون دير لاين وكوستا: إن «التعاون الوثيق» بين بكين وبروكسل «خيار طبيعي». وأضاف: «طالما تدافع الصين والاتحاد الأوروبي بصدق عن التبادل الحر، سيبقى الاقتصاد والتجارة الدوليان يتمتعان بالحيوية».
وتعهّدت الصين والاتحاد الأوروبي في بيان مشترك الخميس، «تعزيز جهودهما» في مكافحة تغيّر المناخ.
واتفق القادة الصينيون والأوروبيون على تعزيز التعاون في مجالات؛ مثل التحول في مجال الطاقة، وتسريع نشر الطاقة المتجدّدة على مستوى العالم، وتسهيل الوصول إلى التكنولوجيات الخضراء.
– «آلية مُحسّنة»
وفي طليعة المخاوف الأوروبية العجز الهائل في الميزان التجاري الذي بلغ العام الماضي 357 مليار دولار (304 مليارات يورو).
وأكدت فون دير لاين قبل زيارتها، أن بروكسل ستطلب من بكين فتح أسواقها أكثر أمام الشركات الأوروبية، وتليين القيود المفروضة على صادرات المعادن النادرة التي تعتبر استراتيجية للتكنولوجيات الحديثة.
وفي هذا الصدد، أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، إلى أنّه تمّ الاتفاق مع بكين على آلية «مُحسّنة» بشأن صادرات الصين من هذه المعادن النادرة. وأوضحت في مؤتمر صحفي، أن «آلية دعم سلسلة التوريد هذه ستُتيح التحقّق من المشكلة، أو القضية التي تنشأ، وحلّها فوراً».
– رسوم أوروبية على واردات صينية
وفرض الاتحاد الأوروبي رسوماً جمركية، مشددة على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين، متّهماً بكين بدعم هذا القطاع، ما يتسبب باختلال المنافسة على حساب الشركات الأوروبية. ونفت بكين الاتهامات، وردت بفتح تحقيقات بشأن واردات لحوم الخنزير، ومشتقات الحليب الأوروبية.
وفي ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، ينظر الأوروبيون بريبة إلى التقارب الاقتصادي والسياسي بين الصين وروسيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، معتبرين أنه يشكل دعماً ضمنياً لموسكو.
ودعا كوستا الصين خلال اللقاء مع شي إلى «استخدام نفوذها على روسيا» لوضع حد للحرب.
وأقر الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، عقوبات جديدة في حق موسكو تستهدف صادرات النفط الروسية، وقطاعها المصرفي وتشمل أيضاً شركات ومؤسسات مالية صينية. وحمل هذا الإجراء وزير التجارة الصيني على الاحتجاج لدى نظيره الأوروبي.
وقال المسؤول الأوروبي الكبي: «لسنا سذجاً. لا نطلب من الصين قطع علاقاتها مع روسيا، بل تعزيز رقابتها الجمركية والمالية».