تصاعدت حدة الاشتباكات في السويداء في سوريا أمس السبت، وسط دويّ طلقات الأسلحة الرشاشة وقذائف المورتر، في وقت تواجه الحكومة صعوبة في تنفيذ وقف لإطلاق النار.
وسُمع دويّ إطلاق نار من داخل مدينة السويداء، وتساقطت قذائف في القرى المجاورة. ولم ترد تقارير مؤكدة عن وقوع إصابات.
وقالت الحكومة السورية إن قوات الأمن التابعة لها تنتشر في السويداء، وحثت جميع الأطراف على احترام وقف إطلاق النار وذلك في أعقاب أعمال عنف في المنطقة خلفت مئات القتلى. وأعلنت الرئاسة السورية في بيان صدر أمس السبت «وقفاً شاملاً وفورياً لإطلاق النار»، ودعت «جميع الأطراف، دون استثناء، إلى الالتزام الكامل بهذا القرار، ووقف كافة الأعمال القتالية فوراً في جميع المناطق». وقالت وزارة الداخلية إن قوات الأمن الداخلي بدأت الانتشار في السويداء.
ودعا الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى الهدوء وقال إن سوريا لن تكون «ميداناً لتجارب مشاريع التقسيم أو الانفصال أو التحريض الطائفي». وأضاف في خطاب بثه التلفزيون «التدخل الإسرائيلي دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة تهدد استقرارها نتيجة القصف السافر للجنوب ولمؤسسات الحكومة في دمشق». وأنحى الشرع بالمسؤولية في ما يبدو على المسلحين الدروز في أحدث الاشتباكات، متهماً إياهم بشنّ هجمات انتقامية على العشائر البدوية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الاشتباكات المستمرة منذ الأسبوع الماضي حول السويداء أسفرت عن مقتل 940 شخصاً على الأقل.
وأكد الرئيس الشرع أن «الوساطات الأمريكية والعربية» أسهمت في تحقيق الهدوء. وأعلن المبعوث الأمريكي توم براك اتفاق سوريا وإسرائيل على وقف لإطلاق النار. ودعا براك، وهو سفير الولايات المتحدة لدى تركيا وكذلك مبعوث واشنطن إلى سوريا، الدروز والبدو «إلى إلقاء السلاح وبناء هوية سورية جديدة وموحدة مع الأقليات الأخرى».
وموقف إسرائيل مختلف عن واشنطن، إذ تدعم الولايات المتحدة المركزية في سوريا تحت قيادة حكومة الشرع التي تعهدت بحكم يمثل جميع المواطنين، في حين تقول إسرائيل إن الحكومة تشكل خطراً على الأقليات. وقال شهود إن أعمال العنف أمس السبت شهدت مجدداً مواجهات بين الدروز والبدو.
وقال أحد سكان قرية قرب مدينة السويداء، إن قذائف المورتر ظلت تسقط قرب منزله بعد ظهر امس السبت، وإن 22 على الأقل أصيبوا بجروح. وذكر أحد الأطباء في السويداء أن القصف توقف، لكن المستشفى المحلي ممتلئ بالجثث والجرحى.
إلى جانب ذلك، عقد وزيرا خارجية الأردن أيمن الصفدي وسوريا أسعد الشيباني، والمبعوث الأمريكي توماس باراك اجتماعاً في عمان أمس السبت لبحث سبل «تثبيت وقف إطلاق النار» في سوريا، حسبما أفاد بيان صادر عن الخارجية الأردنية. وقال البيان إن المباحثات الثلاثية «تناولت الأوضاع في سوريا، وجهود تثبيت وقف إطلاق النار الذي أُنجِز فجر اليوم حول محافظة السويداء السورية حقناً للدم السوري وحفاظاً على سلامة المواطنين». وأضاف أن الصفدي والشيباني وبراك «اتفقوا على خطوات عملانية تستهدف دعم سوريا في تنفيذ الاتفاق، بما يضمن أمن واستقرار سوريا ويحمي المدنيين، ويضمن بسط سيادة الدولة وسيادة القانون على كل الأرض السورية».
وبحسب البيان «تضمنت الخطوات العملانية مواضيع تتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار، ونشر قوات الأمن السورية في محافظة السويداء، وإطلاق سراح المُحتجَزين لدى كل الأطراف وجهود المصالحة المجتمعية في المحافظة، وتعزيز السلم الأهلي، وإدخال المساعدات الإنسانية».
وخلال اللقاء أكّد الصفدي وبراك «دعمهما اتفاق وقف إطلاق النار وجهود الحكومة السورية المُستهدِفة تطبيقه»، وشدّدا على «وقوف المملكة والولايات المتحدة وتضامنهما الكامل مع سوريا وأمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة ووحدة أراضيها وسلامة مواطنيها»، مشددين على أن «أمن سوريا واستقرارها ركيزة لاستقرار المنطقة».
كما رحّب الصفدي وبراك ب«التزام الحكومة السورية محاسبة كل المسؤولين عن التجاوزات بحق المواطنين السوريين في محافظة السويداء، ودعم الجهود المُستهدِفة نبذ العنف والطائفية ومحاولات بث الفتنة والتحريض والكراهية».
وثمّن الشيباني «دور وجهود المملكة والولايات المتحدة في التوصل إلى وقف لإطلاق النار وجهود تنفيذه، وضمان أمن واستقرار سوريا وسلامة مواطنيها».
وكان الصفدي أعرب في وقت سابق السبت خلال لقائه براك عن إدانة بلاده ل«الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة» على سوريا باعتبارها «خرقاً فاضحاً» للقانون الدولي.
من جهتها، حضت فرنسا جميع الأطراف في سوريا على «احترام كامل» لوقف إطلاق النار. وفي وسط لندن، تظاهر عشرات من السوريين الذين ينتمون إلى الأقليات أمس السبت، مطالبين باتخاذ إجراءات لحماية الدروز في محافظة السويداء التي تشهد اشتباكات طائفية أسفرت عن مقتل المئات.