المكتبة الوطنية والأرشيف القومي يحتفلان بذكرى ثورة 23 يوليو

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


أقامت دار الكتب والوثائق القومية برئاسة الدكتور أسامة طلعت، ندوة بعنوان “ثورة 23 يوليو وتراثنا الثقافي”، في الحديقة الثقافية، بالسيدة زينب ضمن مبادرة: “مصر تتحدث عن نفسها”،

نظم الندوة مركز تاريخ مصر المعاصر التابع للإدارة المركزية للمراكز العلمية برئاسة الدكتور أشرف قادوس. أدار الندوة د. عبد المنعم محمد سعيد مدير عام مركز تاريخ مصر المعاصر.وتحدث فيها كل من:
د. سحر حسن، باحثة بمركز تاريخ مصر المعاصر، وتناولت موضوع “التراث الثقافي جسور من الذاكرة إلى المستقبل.”، و نهال خلف الميري باحث بمركز تاريخ مصر المعاصر، وتناولت موضوع “ثورة 23 يوليو 1952 والتراث الثقافي”، و د. رزق حسن نوري باحث بمركز تاريخ مصر المعاصر، الذي تناول موضوع “التأريخ لثورة 23 يوليو”، و د. صالح محمد عمر باحث بمركز تاريخ مصر المعاصر، وتناول جهود دار الكتب المصرية في نشر التراث الثقافي.

 

في البداية تناول الدكتور رزق نوري دور دار الكتب والوثائق القومية في التأريخ لثورة 23 يوليو قائلا إن دار الكتب والوثائق المصرية أسهمت بشكل فعال في التأريخ لثورة 23 يوليو 1952، وذلك من خلال عدد من المحاور، منها النشر الأكاديمي للإنتاج العلمي حول ثورة يوليو وما ارتبط بها من أحداث، فعلى سبيل المثال: نشر مركز تاريخ المعاصر التابع للدار كتاب: “ثورة يوليو والمشرق العربي 1952 – 1956″، للدكتور/ عبد الله فوزي يؤرخ فيه المؤلف لموقف دول المشرق العربي من ثورة يوليو، وايضا تم نشر كتاب ضم أبحاث ندوة “أربعون عاما على حرب الاستنزاف”، وكتاب “حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل ” 1967 – 1970 ” للدكتورة/ انجي جنيدي.
 
كما نظمت دار الكتب والوثائق القومية العديد من الندوات الثقافية التى تؤرخ لثورة يوليو تحدث فيها كبار المؤرخين المتخصصين، فعلى سبيل المثال: نظمت الدار في عام 2002 ندوة دولية بعنوان “خمسون عاما على ثورة يوليو عقدت في الفترة من 2 – 22 يوليو 2002، طبعت ابحاثها في مجلد من تحرير أ.د/ رؤف عباس أ.د/ محمد صابر عرب، طبع عام 2003، ضم المجلد 19 بحث لمؤرخين مصريين وعرب، تنوعت بين السياسية والاقتصاد والتعليم في عهد ثورة يوليو، وايضا علاقة الثورة العربية والاقليمية.
كما نظم مركز تاريخ مصر المعاصر عدة ندوات احتفالا بثورة يوليو؛ من ضمنها ندوة بعنوان “ثورة 23 يوليو والتحولات الإقليمية والدولية” تحدث فيها نخبة من المتخصصين في التاريخ وعلاقات مصر الدولية.
وفي محور آخر اهتمت دار الكتب والوثائق القومية بنشر عدد من الكتب الوثائقة عن ثورة يوليو أهمها
– ” مصر في القرن العشرين مختارات من الوثائق السياسية ثورة يوليو المجلد الأول”
– وعن تأميم قناة السويس وما أرتبط بها من أحداث، ساهمت الدار في إعادة نشر كتاب مهم بعنوان “قناة السويس مفخرة القرن التاسع عشر”.
 
ومجلد وثائقي عن “تاميم قناة السويس 1956، مختارات من وثائق الخارجية المصرية” نشر عام 2016 في سلسلة دراسات وثائقية، دار الوثائق القومية، ويضم دراسة، ونشر للوثائق الخاصة بتأميم القناة خلال الفترة من يوليو 1956 الى أواخر اكتوبر 1956.

 

ثم تحدثت نهال خلف الميري حول ثورة 23 يوليو والمؤسسات الثقافية مؤكدة أنه مع انبثاق فجر23 يوليو1952 كان مشهد مصر الثقافي مثل مشهدها السياسي، يموج بالصراع الفكري بين مختلف تيارات الإبداع والنقد، ما بين القديم والتجديد، والاستعمار والتحرر، والتيارات الفكرية اليمينية واليسارية، والرأسمالية والاشتراكية، والمحلية والقومية، والوطنية والتغريب، وهو ما انعكس فكريًّا في مختلف الجوانب الثقافية، تتصارع فيها أحدث الاتجاهات الأدبية والفنية والفكرية على صفحات الصحف والمجلات والكتب، حتى إذا ما جاءت ثورة يوليو، اختطت لنفسها سياسة تُعـبّر عن دور الدولة، وهو الذي كان قد تفتت قبلها ما بين صراعات الاحتلال والقصر والأحزاب.
 
وقد استحدثت الثورة مؤسّسات ثقافية على المستوى القومي بعدما أدركت حاجتها أولًا إلى جهاز إعلامي يوضّح مبادئها ويدعو إليها، ويعرّف باتجاهاتها السياسية والاقتصادية ومشروعاتها؛ فبادرت بإنشاء “وزارة الإرشاد القومي “ووضعت ضمنها الأجهزة الثقافية التي تطورت فيما بعد لتصبح عام 1958م وزارة الثقافة والإرشاد القومي إلى أن استقر مسماها على وزارة الثقافة عام 1966م.
 
ورصدت ما كان يموج به المجتمع المصري في أعقاب ثورة يوليو 52 من خلال الحياة الثقافية بأشكالها المختلفة من مؤسسات، وهيئات، ومراكز، وجمعيات، وأندية، ومنتديات، سواء أهلية أو أسهمت فيها الدولة، وقد تحققت إنجازات ثقافية ومنها إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والعلوم والآداب عام 1956م، وظهور الثقافة لأول مرة في التاريخ المصري باعتبارها وزارة عام 1958م، وكان ذلك إيذانًا بإقدام الثورة على بذل جهد واعٍ من أجل تنظيم العلاقة مع المثقفين، واستثمارها في إكساب الثورة أبعادها المجتمعية، وإثراء منجزاتها المادية والسياسية والاجتماعية بمنجزات ثقافية وفنية. وخاصة مع ما قدمته الثورة في بدايتها من تحقيق الكثير من الأحلام التي بشَّر بها المثقفـون المصريون منذ بدء النهضة، وجوهرها تحقيق الاستقلال الوطني، وبعضًا من العدالة الاجتماعية ولاسيما في الريف الذي لم يكن أحد يُعنى به من قبل، ومجانية التعليم الجامعي، وزيادة معدلات الرعاية الصحية والتعليم العام للفقراء.

 

وتناولت د.سحر حسن موضوع التراث الإنسانى.. جسور بين الماضر والحاضر مؤكدة أن التراث هو ذلك الرصيد الحضاري والثقافي المتراكم الذي تنتجه الشعوب عبر الزمن، ويتضمن العادات، التقاليد، المعتقدات، اللغة، الفنون، الآداب، والمعارف، بالإضافة إلى المعالم المعمارية والآثار والموروثات المادية واللامادية. وهو ليس مجرد ماضٍ ساكن، بل عنصر فاعل في تشكيل الهوية الوطنية وبناء الوعي الجمعي.
واستعرضت أنواع التراث
 
التراث المادي (الملموس): وهو كل ما يمكن رؤيته ولمسه من آثار وممتلكات مادية، ويشمل: الآثار المعمارية، لمواقع الأثرية والدينية ، المخطوطات والوثائق التاريخية، التحف والأدوات القديمة، والتراث السياسي والزعامى…. الخ
التراث غير المادي (اللامادي): وهو التراث المرتبط بالعادات والتقاليد والمعارف الشعبية، ويشمل: الفولكلور ، الموسيقى والأغاني الشعبية ، الرقصات الفلكلورية ،الطقوس والمناسبات الدينية والاجتماعية الحرف والصناعات التقليدية.

 

وختاما تناول د. صالح محمد عمر ، باحث بمركز تاريخ مصر المعاصر ، التراث وثورة 23 يوليو مؤكدا أن الثورة بقيادة “الضباط الأحرار”، لم تكن مجرد تحرك عسكري لإنهاء الحكم الملكي، بل كانت مشروعًا شاملاً لإعادة صياغة هوية مصر وبناء دولة وطنية مستقلة ترتكز على قيم العدالة الاجتماعية والتحرر من الاستعمار. وفي هذا الإطار، كان التراث أداة محورية في الخطاب الثوري. ولقد استلهمت الثورة عناصر متعددة من التراث، أبرزها: التراث القومي الفرعوني. التراث الشعبي، التراث السياسي المقاوم.
 
كما أسهمت الثورة في تحديث المؤسسات الثقافية، وربطت فكرة “إحياء التراث” بمفهوم “النهضة القومية”، فأنشأت مؤسسات مثل وزارة الثقافة وهيئة قصور الثقافة، واهتمت بتوثيق الفنون والحِرف التقليدية، ودمج التراث في الإعلام والمناهج التعليمية.
 
لا شك إن العلاقة بين التراث وثورة يوليو كانت علاقة توظيف وإعادة تأويل، حيث استُخدم التراث كمصدر للشرعية ولصياغة هوية وطنية جديدة تنسجم مع أهداف الثورة في الاستقلال والتنمية والعدالة. وبهذا لم يكن التراث مجرد ذكرى للماضي، بل أصبح وسيلة لبناء مستقبل الأمة.
واستعرض جهود دار الكتب المصرية في نشر التراث الثقافي
حيث تعد الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية من أكثر مؤسسات الدولة المصرية صونًا للتراث والمحافظة عليه فمنذ إنشائها حرصت على جمع المخطوطات والكتب النفيسة التي كان قد أوقفها السلاطين والأمراء والعلماء بالإضافة إلى البرديات والمطبوعات باللغة العربية واللغات الأجنبية وأوائل المطبوعات والدوريات وألبومات الصور والمسكوكات، كما تعمل على إحياء ونشر التراث العربي وذلك بجمعه من أرجاء العالم وتدريب الأجيال الجديدة على تحقيقه ونشره وتوفير المراجع والمصادر اللازمة ، كما تعمل على إتاحته للباحثين والدارسين بالإضافة إلى أعمال الصيانة والترميم للوثائق والمخطوطات بمركز الترميم والميكروفيلم.
وتعتبر سلسلة أوائل المطبوعات التي تصدر عن مركز تاريخ مصر من ضمن مجموعة من الأعمال التي تقوم بها دار الكتب لإعادة نشر التراث وإتاحته للباحثين والمتخصصين وهى بذلك توفر للباحثين مادة كلما استطاعوا الحصول عليها .



‫0 تعليق

اترك تعليقاً