إنجاز تاريخي جديد سجلته دولة الإمارات العربية المتحدة، ممثلة بإمارة الشارقة، بنجاحها في اعتماد قرار بالإجماع من لجنة التراث العالمي خلال دورتها ال47، بإدراج «الفاية» في إمارة الشارقة ضمن قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي، في اعتراف دولي بجهود الدولة والإمارة في صون التراث الثقافي، ويضاف لسجل حافل في هذا الإطار.
صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، قاد ملف الترشح بشكل كامل لإنجاحه دولياً، لإيمانه بأهمية صون التراث والحفاظ عليه للأجيال المقبلة، ولكون هذا الأمر أمانة كما يرى سموه، فقد أصدر بداية شهر يوليو الجاري قراراً إدارياً بشأن اعتماد حدود موقع «الفاية» عقب ترشيحه على اللائحة، وحدد خلاله مساحتها المبينة في الخريطة المعتمدة كموقع تراثي ثقافي، كما أسهمت إدارة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، السفيرة الرسمية لملف الترشيح الدولي في تحقيق هذا الإنجاز الدولي المستحق.
وكون قصة «الفاية» تشكّل جزءاً أصيلاً من الحكاية الإنسانية المشتركة، كما تحدثت الشيخة بدور بنت سلطان، حيث قالت إن إدراج «الفاية» يرسّخ إسهام الشارقة في كونها مهداً للتاريخ البشري المبكر ويبرز الدور المحوري لشبه الجزيرة العربية في رحلة الإنسان للخروج من إفريقيا وتُعد الأدوات الحجرية التي عُثر عليها في الفاية والتي يتجاوز عمرها 200 ألف عام دليلاً ناطقاً على عبقرية أسلافنا وجذور التقاليد الثقافية العميقة في منطقتنا.
التراث الثقافي لأي دولة أو مجتمع يعتبر مرآة للشعوب ويمثل ذاكرة حية، ويحمل في طياته القيم والتقاليد والممارسات التي تشكل الهوية الوطنية والإنسانية لها، لذا فإن صونه ليس مجرد حفاظ على الآثار أو العادات، بل حماية لروح أمة وجذورها، وبالتالي تواصلها بين الأجيال، لذا حظيت «الفاية» في المنطقة الوسطى للإمارة بهذا الاعتراف لما تتمتع به من «قيمة عالمية استثنائية»، ولاحتفاظها بأحد أقدم وأطول السجلات المتواصلة لوجود الإنسان في البيئات الصحراوية والتي تعود إلى أكثر من 200 ألف عام.
صون هذا التراث مسؤولية جماعية تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية لأي مجتمع، لأنه قد يرتبط بمنطقة أو إقليم كامل، لذا فإن الحفاظ على التراث يحفظ قصة الإنسان وذاكرته الحضارية، ونجاح ملف «الفاية» نتاج طبيعي، لعمل استمر أكثر من ثلاثين عاماً من أعمال التنقيب الدقيقة التي قادتها هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع فرق دولية تم الكشف خلالها عن 18 طبقة جيولوجية متعاقبة في الموقع، وكل طبقة منها توثق لفترة زمنية مختلفة من النشاط البشري ما يمنح الموقع قيمة علمية استثنائية.
[email protected]
