فى أعقاب الحريق المفجع الذى طال “سنترال رمسيس” – أحد أكبر مراكز الاتصالات وحفظ البيانات فى مصر – تصاعدت الأسئلة والتكهنات، وتباينت التحليلات حول أسباب الحريق، وطريقة تعامل الحكومة معه، ومدى تأثيره على البنية التحتية لقطاع الاتصالات، والأهم من ذلك: ماذا بعد؟
ولأن الحادث أثار جدلاً واسعًا وفتح الباب أمام تساؤلات الرأى العام، أجرينا هذا الحوار مع النائبة مارثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، والتى كانت من أوائل النواب الذين بادروا ببيانات عاجلة للحكومة، وشاركت فى مناقشات مكثفة داخل البرلمان للوقوف على أبعاد الحادث وتبعاته.
ما تقييمك لتعامل أجهزة الدولة المصرية مع حادث حريق “سنترال رمسيس”؟
أولًا، خالص العزاء لأسر شهداء العمل، فقد تقدمت ببيان عاجل موجه لرئيس الوزراء بشأن الحادث فى مجلس النواب، وتمت مناقشة البيانات العاجلة المقدمة من النواب، ومنها بياني، وأصدر رئيس مجلس النواب قرارًا بإحالة البيانات العاجلة إلى اللجنة المختصة ووزير الاتصالات، ولا ننسى أن الإجراءات التى اتخذتها الدولة، وخصوصًا وزارة الاتصالات، كانت مهمة للغاية لتفادى تعطل كامل فى قطاع الاتصالات. ورغم ضخامة الحريق، حدث فقط تعطيل جزئى وهو ما قلل من حجم الخسائر. لكننا لا نستطيع تحميل وزارة الاتصالات وحدها المسؤولية.
ما تقييك لكفاءة التعامل مع الأزمة؟
لم يكن التعامل على الوجه الأمثل، ولكن يجب أن نضع فى الاعتبار أن “سنترال رمسيس” كبير جدًا، ومع ذلك لم تتأثر الاتصالات بشكل كامل، فقط بنسبة 20%.
كيف ترين تجدد الحريق مرة أخرى فى سنترال رمسيس؟
لم يكن تكرارًا للحريق، وإنما نتيجة لطبيعة الألياف والأسلاك سريعة الاشتعال، ومع الحرارة المرتفعة وعدم وجود تهوية بعد إخلاء الموظفين، اشتعلت النيران مجددًا بعد 48 ساعة.
هل الفحص المبدئى للحريق يوحى بأن هناك أياد تقف وراء الحادث، أم أن الأمر لا يخرج عن كونه قضاء وقدر؟
أنتظر ما ستسفر عنه تحقيقات النيابة العامة، لكن يقينى الشخصى أن الأمر لا يتعلق بفعل فاعل. المبنى مؤمَّن بشكل كبير على المستوى الأمني. لا يوجد ما يشير إلى أن هناك شبهة جنائية حتى الآن.
هل هناك حصر دقيق للخسائر الناجمة عن الحريق؟
لا أملك رقمًا دقيقًا، لكن خسارة أرواح 4 شباب هى أفدح الخسائر.
ماذا عن رسائلك داخل لجنة الاتصالات؟ وأهم مطالبك؟
طالبت بدعم مباشر لأهالى الشهداء، واستجابت الحكومة بالفعل فى لفتة إنسانية كبيرة. وتم تقديم رعاية شاملة لهم ماديًا ومعنويًا. كما أن تحرك وزارة الاتصالات كان قويا وفى اللحظة.
كيف رأيت تصريحات وزير الاتصالات عمرو طلعت أمام لجنة الاتصالات بمجلس النواب عقب حريق سنترال رمسيس؟
لقد كشف وزير الاتصالات العديد من الحقائق منها، أن الحريق اندلع فى الدور السابع من المبنى نتيجة اشتعال أحد الأجهزة فى غرفة الخوادم، حيث أطلقت مستشعرات الدخان إنذارًا، فتوجه العاملون لمحاولة الإطفاء، وأسهم فى انتشار الحريق سريعا وجود أسلاك تنقل بيانات وتيارًا كهربائيًا داخل مواسير بلاستيكية ساهم فى انتشار النيران بسرعة، مما صعّب من السيطرة على الحريق.. كما إنه كانت هناك منظومة إطفاء داخل المبنى لكنها لم تكن كافية للسيطرة على الحريق، ما تطلّب تدخل الحماية المدنية.
وماذا بخصوص حجم الأضرار التى لحقت بالمبنى؟
كشف الوزير أن، الأدوار السادس والسابع لم تتضرر كثيرًا، لكن الأدوار الثانى والثالث والرابع تعرضت لأضرار بالغة، وفقًا لتقديرات رجال الحماية المدنية. كما أكد أن الوزارة قررت استبعاد سنترال رمسيس تمامًا من الخدمة بعد تأكيد الحماية المدنية أنه لم يعد صالحًا للاستخدام، وتم تنفيذ الخطة “ج” لنقل الخدمات لعناصر أخرى فى المنظومة.
هل سنترال رمسيس هو الوحيد الذى كان يعتمد عليه فى الاتصالات؟
بحسب كلام الوزير أمام لجنة الاتصالات ليس السنترال الوحيد، فهناك عدة سنترالات فى المنظومة تخدم 120 مليون مستخدم محمول و15 إلى 20 مليون مستخدم إنترنت منزلي. والدليل إنه رغم انهيار السنترال، إلا أن الإنترنت استمر فى العمل، بل وزادت كفاءته خلال الحادثة، والدليل هو كثافة التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي.
كيف تقيمين الهجوم الذى تعرضت له الحكومة بعد الحريق وتأخرها؟
لم يكن هناك تأخير فى إخماد الحريق، فقد كان الحريق كبيرًا بسبب طبيعة المواد المشتعلة. سيارات الإطفاء كانت موجودة منذ اللحظات الأولى، وكان هناك تواجد من محافظ القاهرة، بل وقطع وزير الاتصالات زيارته الخارجية فورًا. والمشكلة ليست فى التحرك بعد الحريق، بل فى غياب الرقابة الوقائية قبل وقوعه.
كيف تقيّمين عودة خدمات الاتصالات خلال 24 ساعة؟
هذه نقطة إيجابية ومحل إشادة، وهى رد قوى على الشائعات والمتربصين بمصر. النظام الشبكى استطاع أن يتجاوز الأزمة بسرعة كبيرة.
هل يوجد بديل لسنترال رمسيس فى القرية الذكية أو غيرها؟
لدينا 70 سنترالًا رئيسيًا فى مصر، وجميعها تقدم نفس الخدمات التى كان يقدمها سنترال رمسيس، وإن كانت تختلف فى الحجم. لكن مسألة ترميم السنترال غير واضحة حاليًا، لأنها ستكون مكلفة جدًا بسبب حساسية الأجهزة الموجودة به.
ما تقييمك العام لأداء قطاع الاتصالات؟
أطمئن المواطنين بأن مصر تمتلك بنية تحتية قوية ومتقدمة فى قطاع الاتصالات، وهو ما ساهم فى تقليل تأثير الحريق على الخدمات المقدمة. الشبكة كانت جاهزة، وتوزيع الأحمال كان مدروسًا، لذلك لم يحدث أى انهيار.