عندما يخرج الوحش من بطن التطرف والعنصرية، تصبح الإنسانية مصيدة للموت، والعدالة تُصلب على نيران الحقد الدفين، ويُعلق الحق على مقصلة الكراهية التي تعود بالإنسان إلى مرحلة من التوحش الغريزي البدائي.
في قطاع غزة، يكتمل التوحش الحديث الذي تمارسه إسرائيل، بصورة تفوق ما يمكن أن يتذكره البشر من ممارسات عرفها التاريخ الحديث والقديم، بما يتجاوز ما ابتدعه الفكر النازي خلال الحرب العالمية الثانية.
في غزة، تم تحويل الجوع إلى سلاح في حرب الإبادة تستكمل به إسرائيل مقتلة الموت بالصواريخ والدبابات وجحافل الجنود الذين يمارسون القتل «هواية».
ولأن دولة الإمارات آلت على نفسها أن تظل وفية للشعب الفلسطيني وحقوقه، وتعمل على دعمه في مواجهة العدوان والحصار والتجويع، فقد أبحرت، أمس، من ميناء خليفة في أبوظبي «سفينة خليفة» للمساعدات الإنسانية، ضمن عملية «الفارس الشهم 3» متجهة إلى ميناء العريش في جمهورية مصر العربية، تمهيداً لإدخال شحنتها من المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة، في إطار الدعم الإنساني المستمر الذي تقدمه دولة الإمارات للأشقاء الفلسطينيين. و«السفينة خليفة» هي أكبر سفينة مساعدات إنسانية ترسلها دولة الإمارات حتى الآن، حيث تبلغ حمولتها الإجمالية 7166 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية المتنوعة.
إن دعم الإمارات للشعب الفلسطيني في مواجهة الكارثة الإنسانية التي يعيشها، هو بمكانة بلسم على جرحه النازف، لعله يعينه على الصمود.
إن رغيف الخبز في غزة أصبح مستحيلاً، والجياع يتساقطون في الشوارع مغشياً عليهم من الإنهاك، والناس تبحث عن عشب صالح للأكل فلا تجده، والأطفال يموتون بسبب سوء التغذية. ومن يحاول الحصول على بعض الطعام، يقتل قبل أن يصل.
هذا توصيف المؤسسات والهيئات الإنسانية الدولية للوضع في القطاع، حيث تمنعها إسرائيل من القيام بواجباتها الإنسانية تجاه الجياع.
أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يصف الوضع في غزة ب«المرعب». المفوض العام لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يقول: «نحن أمام كارثة غير مسبوقة.. الأطفال يموتون جوعاً.. نحتاج إلى وقف فوري لإطلاق النار». المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يرى أنه «يتم استدراج المدنيين إلى مراكز المساعدات الإنسانية لإعدامهم، ما يشكل نمطاً وحشياً من أشكال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل». إن الصمت العالمي على هذه الجرائم المروعة التي ترتكبها إسرائيل، يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية والمجتمع الدولي.