اختلافات رقمية ملحوظة لممثلي إنجلترا وقوة دفاعية فرنسية في كأس العالم للأندية

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


وصلنا إلى خط النهاية في بطولة كأس العالم للأندية 2025، وفي انتظار المباراة النهائية التي ستجمع العملاقين الأوروبيين، باريس سان جيرمان الفرنسي ضد تشيلسي الإنجليزي، على ملعب “ميتلايف” في نيوجيرسي لتحديد بطل النسخة الأولى من النظام الجديد.

لم يكن وصول الفريقين إلى هذه المرحلة متشابهًا، فقد تباينت قوى المنافسين في رحلة كل فريق نحو النهائي، وكشفت الرحلتين عن هويتين كرويتين متميزتين، أثبتت صلابتها في هذه البطولة العالمية. فطريق باريس سان جيرمان كان أصعب واستغله الفريق الفرنسي أفضل استغلال في استعراض قوته وهيمنته الأوروبية، بينما كان مسار تشيلسي مليئًا بالأندية البرازيلية القوية، وأثبت النادي اللندني تفوق القارة الأوروبية على أمريكا الجنوبية في رحلته نحو النهائي.

مسيرة باريس سان جيرمان: تأكيد الهيمنة عالميًا

كانت رحلة باريس سان جيرمان صعبة نسبيًا، حيث واجه عمالقة أوروبية مثل ريال مدريد وأتلتيكو مدريد الإسبانيين، وبايرن ميونخ الألماني، لكن المفارقة أن الهزيمة الوحيدة للفريق في البطولة جاءت في دور المجموعات أمام بوتافوجو البرازيلي بهدف نظيف، لكن فيما عدا تلك المباراة كان الفريق الباريسي مثل آلة لا ترحم، حيث خاض خمس مباريات أخرى بخلاف تلك الهزيمة، ولم يكتفِ بالفوز فيها جميعاً فقط، بل حافظ على نظافة شباكه، مسجلاً 16 هدفاً دون أن يستقبل أي هدف.

بطولة كأس العالم للأندية 2025 أصبحت بمثابة ساحة استعرض فيها فريق المدرب لويس إنريكي قوته الكبيرة ضد نخبة أندية أوروبا، فقد افتتح البطولة بهزيمة أتلتيكو مدريد بنتيجة 4-0، ثم إقصاء بايرن ميونخ من ثمن النهائي بنتيجة 2-0، وأخيرًا إقصاء العملاق ريال مدريد في نصف النهائي بنتيجة 4-0.

أشرف حكيمي – فابيان رويز – باريس سان جيرمان
(المصدر: Gettyimages)

هذا الطريق الذي بدا صعبًا نظريًا، كان جرس إنذار لجميع أندية العالم بأن باريس سان جيرمان أصبح القوة الأكبر على مستوى الأندية، فبعد تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا في لشهر الماضي، يواصل الفريق عروضه المميزة في كأس العالم للأندية، ويؤكد أن اللقب الأوروبي كان بداية مسيرة قد تكون تاريخية خلال السنوات المقبلة.  

مشوار تشيلسي: رحلة عبر القارات

في المقابل كان طريق تشيلسي بمثابة رحلة عالمية متنوعة وغير معتادة للفريق الأوروبي، فقد واجه فرق من 4 قارات مختلفة من بينها فريقًا أوروبيًا واحدًا خلال 6 مباريات.

شهدت رحلة تشيلسي في البطولة هزيمة واحدة أيضًا في الجولة الثانية من دور المجموعات، وكانت أمام فريق برازيلي كذلك هو فلامنجو بنتيجة 1-3، لكن هذه الهزيمة لم تكن كافية لإيقاف رحلة الفريق، حيث انطلق بعدها في سلسلة من أربعة انتصارات متتالية حتى وصل إلى النهائي.

واجه البلوز فرقاً من أمريكا الشمالية (لوس أنجلوس الأمريكي)، وإفريقيا (الترجي التونسي)، وأوروبا (بنفيكا البرتغالي)، بالإضافة إلى ثلاثة عمالقة من أمريكا الجنوبية وتحديدًا البرازيل (فلامنجو، وبالميراس، وفلومينينسي).  

بالتأكيد هذا التنوع في الخصوم أجبر المدير الفني إنزو ماريسكا على إظهار مرونة تكتيكية كبيرة، وهو ما انعكس في استخدامه لـ 27 لاعباً مختلفاً خلال البطولة، مما يدل على عمق قائمة الفريق وقدرته على إيجاد الحلول المناسبة لكل مباراة.

طبيعة رحلة كل فريق شكلت هوية تكتيكية مختلفة قبل النهائي. فتشيلسي، الذي خاض مباريات ضد مدارس كروية متنوعة، اكتسب مرونة وقدرة على التكيف مع الخصوم المختلفة، مما يعطيه ميزة قوية في التعامل مع العملاق الباريسي. في المقابل، فإن باريس سان جيرمان، الذي فرض أسلوبه وتميز ضد خصوم مألوفين من دوري أبطال أوروبا، يصل إلى النهائي كفريق بلغ قمة الكفاءة والثقة في أسلوبه.

كول بالمر - تشيلسي
كول بالمر – تشيلسي -(المصدر:Gettyimages)

السؤال الذي سيجيب عليه النهائي هو: أي نوع من الإعداد هو الأفضل؟ هل هي المرونة التكتيكية ضد خصوم متنوعة، أم الهيمنة والقوة الكبيرة التي نجحت ضد أكبر الأندية الأوروبية؟

الطريق إلى نهائي كأس العالم للأندية 2025

المرحلة تشيلسي باريس سان جيرمان
دور المجموعات فوز 2-0 ضد لوس أنجلوس الأمريكي فوز 4-0 ضد أتلتيكو مدريد الإسباني
دور المجموعات خسارة 1-3 ضد فلامنجو البرازيلي خسارة 0-1 ضد بوتافوجو البرازيلي
دور المجموعات فوز 3-0 ضد الترجي التونسي فوز 2-0 ضد سياتل ساوندرز الأمريكي
دور الـ16 فوز 4-1 ضد بنفيكا البرتغالي فوز 4-0 ضد إنتر ميامي الأمريكي
ربع النهائي فوز 2-1 ضد بالميراس البرازيلي فوز 2-0 ضد بايرن ميونخ الألماني
نصف النهائي فوز 2-0 ضد فلومينينسي البرازيلي فوز 4-0 ضد ريال مدريد الإسباني

فن الهجوم: مقارنة بين القوة الضاربة للفريقين

يكشف تحليل الإحصائيات الهجومية عن فلسفتين مختلفتين: تشيلسي يعتمد على خلق حجم هائل من الفرص، بينما يتميز باريس سان جيرمان بفعالية عالية أمام المرمى.

المقياس تشيلسي باريس سان جيرمان
المباريات 6 6
الأهداف المسجلة 14   16  
الأهداف لكل مباراة 2.33 2.67
مجموع التسديدات 100   63  
التسديدات لكل مباراة 16.7   10.5  
التسديدات على المرمى لكل مباراة 5.67   4.5  
دقة التسديد 34% 43%
الفرص الكبيرة المصنوعة 17   24  
مجموع الأهداف المتوقعة 9.84   12.5  
الأهداف المتوقعة لكل 90 دقيقة 1.64   2.08
الأهداف – الأهداف المتوقعة (مقياس الفعالية) +4.16 +3.5

سجل تشيلسي 14 هدفًا خلال البطولة، بمعدل 2.33 هدف في المباراة الواحدة، لكن اللافت هو أنهم وصلوا لهذا الرقم من خلال 100 تسديدة، وهو الرقم الأعلى بين جميع فرق البطولة، أي بمعدل 16.7 تسديدة لكل مباراة. هذا النهج القائم على الكمية يضمن لهم خلق تهديد مستمر. يؤدي هذا الأسلوب إلى تنوع الهدافين، حيث سجل 10 لاعبين مختلفين أهداف الفريق (باستثناء الأهداف العكسية)، مما يظهر أن المنظومة ككل هي من تخلق الفرص وليس الاعتماد على أفراد معينين.

في المقابل، يقدم باريس سان جيرمان قصة مختلفة تمامًا، فقد سجل لاعبوه 16 هدفًا، وهو رقم أعلى بقليل من تشيلسي، لكنهم فعلوا ذلك من 63 تسديدة فقط، أي بمعدل 10.5 تسديدة في المباراة. هذا يكشف عن دقة وفعالية أعلى، حيث بلغت نسبة التسديدات على المرمى حوالي 43%. كما أنهم يميلون إلى حسم المباريات مبكرًا، إذ سجلوا 10 من أهدافهم الـ 16 في الشوط الأول.  

لكن الظاهرة الإحصائية الأكثر إثارة للاهتمام تكمن في مقارنة الأهداف المسجلة بالأهداف المتوقعة. فقد سجل باريس سان جيرمان 16 هدفاً من مجموع أهداف متوقعة بلغ 12.5 فقط. هذا يعني أنهم سجلوا أهدافًا أكثر مما كان متوقعًا بناءً على الفرص التي أتيحت لهم، وهو رقم يعكس الجودة العالية للمساتهم الأخيرة، لكن تشيلسي كان أكثر فعالية في تحويل الفرص لأهداف حيث سجل لاعبوه 14 هدفًا من أصل 9.84 هدفًا متوقعًا أي أنه أعلى ب4.16 من الأهداف التي كان متوقع تسجيلها.

الصلابة الدفاعية

المقياس تشيلسي باريس سان جيرمان
الأهداف المستقبلة 5   1  
الأهداف المستقبلة لكل مباراة 0.83 0.17
الشباك النظيفة 2   5  
أهداف ممنوعة (حارس المرمى) +3.1 (سانشيز)   +2.8 (دوناروما)  
التدخلات الناجحة لكل مباراة 1.2   1.1  

الدفاع يوضح فجوة كبيرة في الأداء بين الفريقين، حيث يظهر باريس سان جيرمان كحصن منيع، بينما يبدو دفاع تشيلسي ليس في أفضل أحواله ويعتمد بشكل كبير على براعة حارس مرماه.

الأرقام تتحدث عن نفسها، حيث استقبلت شباك باريس سان جيرمان هدفًا واحدًا فقط في ست مباريات، بمعدل 0.17 هدف في المباراة. وقد حافظ الحارس جيانلويجي دوناروما على نظافة شباكه في خمس مباريات، وهو الرقم الأعلى في البطولة.

الأهم من ذلك، أن هذه الصلابة ليست وليدة الصدفة، فمقاييس الأهداف المتوقعة ضد الفريق تظهر أنهم يمنعون بشكل منهجي وصول الخصوم إلى فرص خطيرة، حيث بلغ متوسط الأهداف المتوقع استقبالها ضدهم 0.55 فقط في أول أربع مباريات، ولم يسمحوا لبايرن ميونخ سوى بـ0.6 أهداف متوقعة في ربع النهائي.  

جيانلويجي دوناروما - باريس سان جيرمان - بايرن ميونخ - المصدر (Getty Images)
جيانلويجي دوناروما – باريس سان جيرمان – بايرن ميونخ – المصدر (Getty Images)

في المقابل، استقبلت شباك تشيلسي 5 أهداف في ست مباريات، بمعدل 0.83 هدف في المباراة، مع الحفاظ على نظافة الشباك مرتين فقط، لكن الرقم الأكثر إثارة للقلق يكمن في تحليل أداء حارس المرمى روبرت سانشيز. فبناءً على جودة التسديدات التي واجهها على المرمى، كان من المتوقع أن يستقبل 7.1 هدف، لكنه استقبل 4 أهداف فقط، مما يعني أنه منع 3.1 هدف محقق.  

هذه الإحصائية تكشف حقيقة مقلقة بالنسبة لتشيلسي، وهي أن دفاعهم أكثر هشاشة مما توحي به الأرقام، وأن أداء حارس المرمى أنقذهم عدة مرات في البطولة.

الاعتماد على حارس مرمى لتقديم أداء بطولي يفوق التوقعات باستمرار هو استراتيجية محفوفة بالمخاطر، فهذا يشير إلى أن منظومة ماريسكا الدفاعية، تسمح للخصوم بخلق فرص ذات جودة عالية، وبالتالي أمام هجوم باريسي أثبت فعاليته الخارقة، لا يمكن لتشيلسي تحمل رفاهية السماح بنفس جودة الفرص التي سمح بها في الأدوار السابقة.

معركة وسط الملعب: إنزو فيرنانديز ضد فيتينيا

هذه المواجهة ستكون بين القلب المبدع لتشيلسي والمحرك الذي لا يكل لباريس سان جيرمان. إنزو فيرنانديز هو أفضل صانع أهداف في البطولة برصيد 3 تمريرات حاسمة، وهو المحور الذي تنطلق منه هجمات تشيلسي الخطيرة. في المقابل، يمثل فيتينيا الرئة التي يتنفس بها الفريق الفرنسي، فهو اللاعب الذي قطع أكبر مسافة في البطولة (69.4 كم)، ويتحكم في إيقاع اللعب بتمريراته ومجهوده الخارق. المعركة هنا ليست حول من هو اللاعب الأفضل، بل من سيفرض أسلوبه على الآخر.  

إحصائيات اللاعبين الرئيسيين في كأس العالم للأندية 2025

اللاعب الفريق الأهداف تمريرات حاسمة إجمالي المساهمات
إنزو فيرنانديز تشيلسي 1   3 4
فيتينيا باريس سان جيرمان 1   2 3  
جواو بيدرو تشيلسي 2   0 2
عثمان ديمبيلي باريس سان جيرمان 2   0 2
بيدرو نيتو تشيلسي 3   0 3
أشرف حكيمي باريس سان جيرمان 2   2

الحكم النهائي: خلاصة وتوقعات استراتيجية

في نهاية المطاف، هذا النهائي هو صدام بين فلسفتين: السيطرة المنهجية الخانقة لباريس سان جيرمان، والديناميكية العالية والتنوع الهجومي لتشيلسي.

تشير البيانات إلى أن باريس سان جيرمان هو المرشح الأوفر حظًا، حيث تمنحه شبكات التحليل الإحصائي نسبة فوز تصل إلى 64%، فدفاعهم الحصين وهجومهم الفعال يمنحهم الأفضلية على الورق، لكن تشيلسي أثبت قدرته على التألق في المباريات التي لا يستحوذ فيها على الكرة، كما أن مساره المتنوع في البطولة قد منحه مرونة تكتيكية قد تفيده في مواجهة الفريق الفرنسي.

الفائز بكأس العالم للأندية 2025 سيكون الفريق الذي ينجح في فرض أسلوب لعبه على الآخر، فهي معركة بين فريق أتقن الأداء وتفوق ضد أكبر الأندية (باريس سان جيرمان)، وفريق تعلم التكيف وتنوع فرص اللعب ضد مختلف فرق العالم (تشيلسي).



‫0 تعليق

اترك تعليقاً