ثلاثة أهداف رئيسية للتنمية المستدامة يحققها ابتكار. مهم لهندسة قناة السويس عبارة عن جهاز متكامل لتحلية المياه وتنقية مياه الصرف الصحي وإنتاج الهيدروجين الأخضر لتعظيم الاستفادة من الموارد، وتقليل البصمة الكربونية.
و هذا الابتكار يفتح آفاقا واعدة لإمكانية تطبيقه في المناطق الجديدة والمدن الذكية والمشروعات القومية الكبرى مثل مشروع الدلتا الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة. حتى تصبح مصر مركزا إقليميا رائدا في تقنيات المياه والهيدروجين الأخضر.
الأمن المائي وتنويع مصادر الطاقة
وحول فكرة الابتكار وأهميته وما يميزه وفرص تصنيعه وتطبيقه صرح الدكتور خالد رمزي الأستاذ المساعد بهندسة قناة السويس والمشرف على تصنيع الجهاز ضمن مشروع تخرج الطلاب لموقع أخبار مصر ببوابة ماسبيرو بأن عملية تحلية المياه وتنقية مياه الصرف الصحي وإنتاج الهيدروجين تحظى باهتمام متزايد من قبل القيادة السياسية لجمهورية مصر العربية، وذلك في إطار توجه الدولة نحو تحقيق الأمن المائي وتنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاستدامة البيئية. وتأتي هذه الخطوة تماشيا مع رؤية مصر 2030، ورؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي التي تركز على الابتكار في إدارة الموارد الطبيعية، وتبني تقنيات صديقة للبيئة في مجالات المياه والطاقة.
وقود نظيف ومستدام
وأوضح أنه في هذا السياق، برزت الحاجة إلى تطوير جهاز متكامل والجهاز عبارة عن وحدة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ووحدة أخرى لتحلية و تنقية المياه والوحدة الثالثة لإنتاج الهيدروجين حيث يجمع بين ثلاث وظائف رئيسية: تحلية المياه، تنقية مياه الصرف الصحي، وإنتاج الهيدروجين باستخدام تقنيات متقدمة مثل التحليل الكهربائي بحيث يساهم هذا الجهاز في تلبية الاحتياجات المتزايدة من المياه العذبة، خاصة في المناطق الساحلية والريفية، إلى جانب إعادة استخدام مياه الصرف المعالجة في الأغراض الزراعية أو الصناعية، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري من خلال إنتاج وقود نظيف ومستدام.
ويعتمد الجهاز على دمج منظومات متعددة في وحدة واحدة، تشمل:نظام تحلية مياه البحر وتقطير مياه الصرف الصحي باستخدام تقنية التقطير الحراري ووحدة لإنتاج الهيدروجين عبر التحليل الكهربائي للماء، باستخدام طاقة كهربية من الطاقة الشمسية.
وأكد د. خالد رمزي أن هذا التكامل بين التقنيات يتيح تعظيم الاستفادة من الموارد، وتقليل البصمة الكربونية، وتوفير حل شامل ومستدام يمكن تطبيقه في المناطق الجديدة والمدن الذكية والمشروعات القومية الكبرى مثل مشروع الدلتا الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة. ومن خلال دعم البحث العلمي وتوطين التكنولوجيا، يمكن لمصر أن تصبح مركزا إقليميا رائدا في تقنيات المياه والهيدروجين الأخضر، بما يفتح آفاقاً واسعة للتنمية الاقتصادية ويعزز من مكانة البلاد في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا البيئية.
نظام مستدام لإنتاج الهيدروجين الأخضر
وأضاف د. رمزي أنه في هذا المشروع الذي تم تصميمه وتصنيعه بكلية الهندسة – جامعة قناة السويس بدعم من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، قام الفريق بتطوير نظام مستدام لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتحلية وتقطير المياه اعتمادا بشكل رئيسي على الطاقة الشمسية. وقال : يجمع تصميمنا بين وحدة تقطير شمسي لتحلية المياه ومحلل كهربائي قلوي يعمل بالطاقة الشمسية. كما اعتمدنا على الاستفادة من الحرارة المهدرة الصادرة من محطة كهرباء مجاورة (بدرجة حرارة تقارب 60 درجة مئوية) لتعزيز عملية التقطير وزيادة كمية المياه العذبة المنتجة. وتُستخدم هذه المياه النقية في وحدة التحليل الكهربائي، حيث تُقسم كهربائيا إلى غازي الهيدروجين والأكسجين باستخدام الكهرباء المولدة من الألواح الشمسية.
300 لتر من غاز الهيدروجين في الساعة
وقد قام الفريق بصناعة الأقطاب المستخدمة في إنتاج الهيدروجين من سبيكة مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ مطلية بالنيكل، مما ساهم في رفع كفاءة نظام إنتاج الهيدروجين من 79% إلى 82%. ويستطيع هذا النظام إنتاج نحو 300 لتر من غاز الهيدروجين في الساعة، ما يُبرز إمكانية الدمج العملي والبيئي الفعال بين الطاقة الشمسية وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وفيما يخص عملية التقطير وتنقية مياه الصرف الصحي، توصل الفريق إلى أن استخدام الحرارة المهدرة من محطات توليد الكهرباء يعد خيارا فعّالا لتحسين كفاءة النظام وحماية البيئة. فقد ساهم هذا الاستخدام في رفع كفاءة التقطير إلى حوالي 60%. كما أدى إلى استمرار عملية إنتاج المياه النقية خلال النهار والليل ، حيث زادت كمية المياه المنتجة من 10 لتر فى وضع النهار الي 18 لتر في وضع النهار والليل.
ومن أبرز ما يميز هذا المشروع هو تحقيق توفير ملحوظ في استهلاك الطاقة، حيث بلغ سعر إنتاج الكيلوغرام الواحد من الهيدروجين الأخضر حوالي 3.22 دولار أمريكي، في حين أن السعر العالمي يتراوح عادة بين 5 إلى 7 دولارات لكل كيلوغرام.
كما يتميّز المشروع بكونه منخفض التكلفة وذو كفاءة عالية، ما يجعله خيارًا اقتصاديًا وقابلاً للتطبيق الفعلي. ويرجع ذلك إلى استخدام الحديد الصلب من نوع 316L المطلي بطبقة من النيكل، بدلاً من الاعتماد على سبائك النيكل باهظة الثمن، حيث تُعدّ تكلفة طلاء الحديد بالنيكل منخفضة جدًا ولا تشكّل عبئًا اقتصاديًا. وجاري الآن تسجيل براءة اختراع بإسم المشروع
وذكر المشرف على الجهاز أنه جاري تطويره وتسجيل براءة اختراع بأكاديمية البحث العلمي .
و الطلاب المنفذون للمشروع هم : أحمد محمد رمضان ـناصر خالد.- أحمد منتصر – جلال الدين يوسف – معاذ عبد المنعم ـ عبد الله صبحي – نغم أحمد.
رفع الكفاءة وزيادة الانتاج
وصرح المهندس أحمد محمد رمضان متولي أحد أعضاء الفريق المبتكر للموقع بأن “خطوة إضافة النيكل للوح المستقطب عن طريق الطلاء الكهربي كانت خطوة موفقة مكنتنا من زيادة كفاءة الجهاز بنسبة 3.2 % و استطعنا التخلص من المواد السامة التي تخرج من الحديد الصلب 316l من انواع ال stainless-steel وهذا كان سبب كافي لنا في أن نستكمل عملية البحث و التطوير في أنواع الطلاء الكهربي للمواد المختلفة.” كما أضاف أيضا ” اننا نعمل على تطوير عملية الفصل الذاتي داخل الخلية بدون استخدام غشاء (Membrane )، وهذا سيمكننا من استخراج غاز الهيدروجين بنقاء عالي جدا بتكلفة اقل”.
وقال : دخلنا مسابقة تابعة للجامعة و حصلنا على تقدير إعجاب رئيس الجامعة
وحاليا نشتغل على تسجيل براءة اختراع وتطوير الجهاز أكثر باضافتك بعض أنظمة التكنولوجيا
كما قال م. ناصر خالد التهامي محمد “استطعنا زيادة إنتاج المحلل الكهربي ليصل إلى 250 لتر فى الساعة رغم صغر حجم الجهاز و أنه يعتمد على الطاقة الشمسية ولا يعتمد على كهرباء الدولة ولا يشكل خطرا على البيئة”.
كما أضاف أن مصر ستكون رائدة فى هذا المجال طبقا رؤية 2030 بعد توقيع أكثر من أربع اتفاقيات دولية لإنتاج الهيدروجين ليرفع السحب العالي على الغاز الطبيعى تحت رعاية رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى”.
حماية البيئة
وصرح م. أحمد منتصر حسين سليم بأن الفريق تمكن من الاستفادة من الطاقة المهدرة المستخدمة فى تبريد محطات توليد الكهرباء و التي كانت تمثل ضررا كبيرا على البيئة و خطرا على المسطحات المائية و على المياه الجوفية و رفع معامل الاستخدام لمحطات توليد الكهرباء وإدخال هذه المياه في جهاز التقطير الشمسي و استخدامها بعد ذلك كمياه تستخدم فى إنتاج الهيدروجين.
كما صرح م. جلال الدين يوسف محمود بأن “كفاءة جهاز التقطير العادى كانت 21 % و بعد التعديل من المجموعة ( بإدخال مياه تبريد المحطات ) وصلت إلى 55 % و هو رقم غير مسبوق من قبل بكمية 10 لتر لكل متر مربع خلال النهار و هذا يجعلنا نعود مرة اخرى لإنتاج المياه العذبة من التقطير البسيط بدلا من عمليات المعالجة التي تكلف ملايين الجنيهات كجانب اخر للمشروع فيما بعد”.
نظام أمان
و يرى معاذ عبدالمنعم محمد سليم أن “المشروع يعتبر نقلة جديدة حيث أن المشروع خالي تماما من اى انبعاثات و لا يقع على البيئة بأى ضرر و مع ذلك يحتاج إلى نظام أمان جديد لأن طاقة الهيدروجين عالية جدا.”
كما أضاف أيضا “مشروعنا يمثل خطوة جديدة نحو حلم الطاقة النظيفة الذي يسعى إليه العالم أجمع، ومصر على وجه الخصوص. مشروعنا خالٍ تماما من أي انبعاثات كربونية، حيث لا يمكن إنتاج -الهيدروجين الأخضر- إلا باستخدام طاقة نظيفة 100%، مما يضمن عدم إلحاق أي ضرر بالبيئة. ونظرا لكون الهيدروجين المنتج ذي طاقة عالية جدًا، فقد أولينا اهتماما خاصا لأنظمة الأمان، لأن السلامة أولاً.”
و ذكر م. عبدالله صبحي محمود باشا أن “هذا النظام فريد من نوعه و متكامل و مستدام يعتمد بشكل كلي على الطبيعة التي لا تنفد من خلال الشمس كمصدر طاقة بدل كهرباء الدولة و مياه البحر كمصدر للمياه بدلا من المياه العذبة حفاظا على مياه مصر” .
تطوير الابتكار
بينما صرحت م. نغم احمد الجوهري بأن “الأمر لا ينتهي عند هذا الحد حيث نعمل الآن على تطوير الجهاز بمعادن اخرى و تطوير الwind turbine لتكون بديلة لل PV حيث أن طاقتها ارخص رغم سعرها الحالي”