إدراك القراءة | ابن الديرة

إدراك القراءة | ابن الديرة


في عالم اليوم، حيث المتغيرات السريعة الضاغطة بقوة، من الصعوبة أن يبقى موقف الإنسان متوازناً، أو تكون رؤيته واضحة، فتلك المتغيرات، تثير الكثير من الضباب حيال التصورات والرؤية، كما أنها تجعل الواقع متغيراً، وكأنه رمال متحركة، ما يصعّب اتخاذ القرار والرأي الصائب.
لهذا، من الضروري أن يتسلّح الإنسان بوعي عميق ورؤية بعيدة المدى، حتى يتسنّى له تبديد الغبش، واختراق الرّكام الذي يحول دون صفاء الرؤية واستقرار التصورات.
وبطبيعة الحال، فإن هذه المسألة ليست وصفة جاهزة وقابلة للاستعارة أو الاستيراد، وإنما هي توافر جملة من القيم والاهتمامات، تمثّلها وتجسيدها، كفيل بتحقيق الوعي العميق والرؤية الصائبة.
وهنا نعني أبناءنا الطلاب، الذين يعتمد مستقبل الوطن على نموّهم السليم وعقليتهم المنفتحة، ووعيهم العميق لهذه المتغيرّات، وهذا لا يتحقق إلّا بالقراءة، وزيادة الاطلاع، لأن لهما دوراً كبيراً في صياغة عقلية الطالب، مع المناهج التعليمية التي يلتزم بها طوال مراحله الدراسية.
والمطلوب هنا إعادة تفعيل أهمية القراءة الخارجية، برفد المناهج التعليمية بكتبٍ أخرى في المجال نفسه، كأن تكون هناك كتب يحدّدها متخصّصون، كل بحسب مجاله، فهناك عناوين معينة، في اللغة العربية وآدابها، والتاريخ والفلسفة… إلخ، وتكون هذه الكتب في متناول الجميع، وتباع في جميع المكتبات. كما يمكن الاطلاع عليها في المكتبات العامة، ومكتبات المدارس، والمعاهد، والجامعات.
وبالطبع لا يفترض أن تكون القراءة الخارجية بهذه الصورة من المرحلة الابتدائية، حيث إن هذه المرحلة تتدخل فيها أهمية قراءة كتب الأطفال الأدبية والعلمية التي أعِدَّت خصيصاً لهم، والمكتبات تزخر بكثير من العناوين الخاصة بهم، ويأتي هنا دور الوالدين في اختيار المناسب لميول أطفالهم، ويمكن أن يكون تفعيل القراءة الخارجية من بداية المرحلة المتوسطة والثانوية، لأن هاتين المرحلتين هما اللتان ستهيئان الطالب لدخول الجامعة لاختيار التخصص الذي سيدرسه، فيتعلم من المرحلة المتوسطة، والمرحلة الثانوية كيف يبحث في تلك الكتب عن العلم الذي يدرسه، ويكون قد حصل على تجربة في هذا المضمار لأربع أو خمس سنوات متواصلة. كما أن هذه الطريقة ستعلم الطالب كيف يرتاد المكتبات، ويقرأ كتباً أخرى غير المناهج المقررة، فضلاً عن أن هذه الطريقة ستعلمه كيف يتعلم من الأكاديميين، وهو لا يزال في المرحلة المتوسطة والثانوية، ويمكن كذلك، عدّ القراءة الخارجية وتلخيصها، نشاطاً من أنشطة الطالب وتفاعله في دروسه، ويُعطى عليها الدرجات المناسبة.
لنعوّد أبناءنا على مصادقة الكتاب غير المدرسيّ، لأنه نعم الصديق، ونعم المعلّم.
[email protected]



تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *