أطفالنا وفضاؤهم الرقمي | هنادي اليافعي

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


هنادي صالح اليافعي*

في كل بيت اليوم، صار مشهد الطفل الشارد في جهازه اللوحي أو هاتفه مشهداً مألوفاً، جيلنا الصغير يعيش في عالم مختلف، عالم رقمي مفتوح، مملوء بالمعلومات والألعاب وحتى الأسواق الإلكترونية. بعضها مُلهم، وبعضها يحتاج إلى وقفة تأمل.
نحن لا نقف ضد التكنولوجيا، بل نراها جزءاً من الحياة، وأداة مهمة للتعلم والتواصل. لكننا نؤمن بأن حماية أطفالنا لا تأتي من المنع، بل من الحوار، ومن وجود حقيقي للأهل في تفاصيل يوم أبنائهم، حتى تلك التي تحدث خلف الشاشات.
كثير من الأهل يشكون من وقت الشاشة، لكن المسألة أعمق من عدد الساعات. المسألة في كيف نكون جزءاً من هذا العالم مع أطفالنا. هل نعرف ما يشاهدونه؟ هل سألناهم عن اهتماماتهم الرقمية؟ هل خصصنا وقتاً لنفهم هذا الفضاء الذي يشغلهم ويؤثر فيهم؟ فالحوار الصادق يصنع فرقاً، يصنع وعياً داخلياً، ويجعل الطفل أكثر أماناً في قراراته وسلوكياته.
ومع توسّع هذا العالم الرقمي، صار لأطفالنا حضور كبير في مجالات لم تكن مألوفة من قبل. أحدها: التسوّق الإلكتروني. فالكثير من الأطفال اليوم يعرفون كيف يشترون، ويتتبعون الطلبات، بل ويطلبون بأنفسهم دون تدخل من الكبار. وهنا يتحول العالم الرقمي إلى واقع… يطرق باب البيت.
ولذلك، من المهم التنبّه إلى التفاصيل الصغيرة التي قد تحمل مخاطر غير متوقعة. وهنا، نقولها بكل وضوح: «لا تتركوا أطفالكم يستلمون المشتريات الإلكترونية بأنفسهم، خاصة في الأوقات المتأخرة». قد تبدو العملية بسيطة، لكن التواصل المباشر مع الغرباء، دون إشراف بالغ، ليس آمناً دائماً. فوجود شخص بالغ في هذه المواقف، ولو للحظات، يزرع الطمأنينة، ويمنع الكثير من المواقف غير المحسوبة.
في إدارة سلامة الطفل، نؤمن بأن تعزيز الوعي لا يكون بالخوف، بل بالتمكين. نرافق الأسرة، ونستمع لتجاربها، ونعمل على تزويد الأهل بالأدوات والمعرفة التي هي الحصن الأول لأبنائهم، في العالم الواقعي والرقمي معاً. العطلة الصيفية فرصة لا تُعوض، لا سيما في إمارة الشارقة التي تحرص على تقديم برامج وفعاليات شاملة تجمع فيها كل أفراد الأسرة، من الطفل إلى النشء وصولاً إلى الوالدين. فالعطلة الصيفية فرصة لنكون أقرب، لنبني معهم ذكريات وقيماً، ونغرس فيهم الأمان… من القلب وإلى القلب.

*مدير إدارة سلامة الطفل – الشارقة



‫0 تعليق

اترك تعليقاً